التصوير الثاني : أنّ الجامع هو التكليف ، وهو يشمل الجعل بوصفه تكليفاً للموضوع الكلّيّ المقدّر الوجود ، ويشمل المجعول بوصفه تكليفاً للفرد المحقَّق الوجود. وفي الشبهة الحكمية يشكّ في التكليف بمعنى الجعل ، وفي الشبهة الموضوعية يشكّ في التكليف بمعنى المجعول. وهذا تصوير معقول أيضاً بعد الإيمان بثبوت جعلٍ ومجعول ، كما عرفت سابقاً.

وأمّا الأمر الثاني : فقد يقال بوجود قرينةٍ على الاختصاص بالشبهة الموضوعية من ناحية وحدة السياق ، كما قد يدّعى العكس. وقد تقدم الكلام عن ذلك في الحلقة السابقة (١) واتّضح أنّه لا قرينة على الاختصاص ، فالإطلاق تام.

وهناك روايات اخرى استدلّ بها للبراءة ، تقدّم الكلام عن جملةٍ منها في الحلقة السابقة (٢) ، وعن قصور دلالتها ، أو عدم شمولها للشبهات الحكمية ، فلاحظ.

كما يمكن التعويض عن البراءة بالاستصحاب ، وذلك بإجراء استصحاب عدم جعل التكليف ، أو استصحاب عدم فعلية التكليف المجعول. وزمان الحالة السابقة بلحاظ الاستصحاب الأول بداية الشريعة ، وبلحاظ الاستصحاب الثاني زمان ما قبل البلوغ مثلاً ، بل قد يكون زمان ما بعد البلوغ أيضاً ، كما إذا كان المشكوك تكليفاً مشروطاً وتحقّق الشرط (٣) بعد البلوغ فبالإمكان استصحاب عدمه الثابت قبل ذلك.

__________________

(١) في بحث الاصول العمليّة ، تحت عنوان : القاعدة العمليّة الثانويّة في حالة الشكّ.

(٢) في نفس البحث وتحت نفس العنوان.

(٣) حصل في بعض الطبعات تصرّف في هذه العبارة بتبديل جملة «وتحقّق الشرط» بتعبير «وشكّ في الشرط» والصحيح ما أثبتناه طبقاً للطبعة الاولى وللنسخة الخطيّة الواصلة إلينا ، وهو المناسب للمعنى المراد أيضاً ، فلا تغفل.

۶۰۸۱