امتناع اجتماع الأمرِ والنهي

لا شكّ في التضادّ بين الأحكام التكليفية الواقعية ، وعلى هذا الأساس يمتنع اجتماع الأمر والنهي ؛ لتضادّهما بلحاظ المبادئ وعالم الملاك ، وبلحاظ النتائج وعالم الامتثال.

أمّا الأول فلأنّ مبادئ الأمر هي المصلحة والمحبوبية ، ومبادئ النهي هي المفسدة والمبغوضية.

وأمّا الثاني فلضيق قدرة المكلف عن امتثالهما معاً ، وعدم امكان الترتب بينهما. وقد سبق في مباحث القدرة (١) أنّه كلّما ضاقت قدرة المكلف عن الجمع بين شيئين ولم يكن بالإمكان الترتّب بين أمريهما وحكميهما امتنع جعل الحكمين.

وعلى هذا الأساس إذا دلّ دليل على الأمر بشيءٍ ودلّ دليل آخر على النهي عنه ، من قبيل «صلِّ» و «لا تصلِّ» كان الدليلان متعارضَين ؛ للتنافي بين الجعلين بسبب التضادّ في عالم الملاك أوّلاً ، وبسبب ضيق قدرة المكلف عن الجمع بين الامتثالين مع عدم إمكان الترتّب ثانياً.

وهذا ممّا لا إشكال فيه من حيث الأساس ، ولكن قد نفترض بعض الخصوصيات في الأمر والنهي التي قد تخرجهما عن كونهما مجتمعَين حقّاً على شيءٍ واحد ، فيزول الامتناع ولا ينشأ التعارض بين دليليهما. ويمكن تلخيص

__________________

(١) ضمن بحث شرطيّة القدرة بالمعنى الأعمّ من أبحاث الدليل العقلي تحت عنوان : ما هوالضدّ؟

۶۰۸۱