وإن اريد بها أنّ التمكّن غرض غيري فهو بدوره طريق إلى غرضٍ نفسيٍّ لا محالة ، إذ وراء كلّ غرضٍ غيريٍّ غرض نفسي ، فإن كان الغرض النفسي منه حصول الواجب النفسي ثبت أنّ هذا هو الغرض الأساسي من الواجبات الغيرية ، وإلاّ تسلسل الكلام حتى يعود إليه لا محالة.

فالصحيح إذن : اختصاص الوجوب بالحصّة الموصلة ، ولكن لا بمعنى أخذ الواجب النفسي قيداً في متعلق الوجوب الغيري كما توهّم في البرهان على القول الأول ، بل بمعنى أنّ الوجوب الغيري متعلق بمجموعة المقدمات التي متى ما وجدت كان وجود الواجب بعدها مضموناً.

مشاكل تطبيقية :

استعرضنا في ما سبق (١) أربع خصائص وحالاتٍ للوجوب الغيري ، وتنصّ الثانية منها على أنّ امتثال الوجوب الغيري لا يستتبع ثواباً ، وتنصّ الرابعة منها على أنّ الواجب الغيري توصّلي. وقد لوحظ أنّ ما ثبت من ترتّب الثواب على جملةٍ من المقدمات ـ كما دلّت عليه الروايات ـ ينافي الحالة الثانية للوجوب الغيري ، وأنّ ما ثبت من عبادية الوضوء والغسل والتيمّم واعتبار قصد القربة فيها ينافي الحالة الرابعة له.

والجواب : أمّا فيما يتّصل بالحالة الثانية فهو : أنّها تنفي استتباع امتثال الوجوب الغيري بما هو امتثال له للثواب ، ولا تنفي ترتّب الثواب على المقدمة بما هي شروع في امتثال الوجوب النفسي ، وذلك فيما إذا أتى بها بقصد التوصّل بها إلى امتثاله. وما ثبت بالروايات من الثواب على المقدمات يمكن تطبيقه على

__________________

(١) تحت عنوان : خصائص الوجوب الغيري.

۶۰۸۱