زمان الوجوب والواجب

لا شكّ في أنّ زمان الوجوب لا يمكن أن يتقدم بكامله على زمان الواجب ، ولكن وقع الكلام في أنّه هل يمكن أن يبدأ قبله ، أوْ لا؟ ومثاله : أن يفترض أنّ وجوب صيام شهر رمضان يبدأ من حين طلوع هلاله ، غير أنّ زمان الواجب يبدأ بعد ذلك عند طلوع الفجر.

وقد ذهب جملة من الاصوليّين كصاحب الفصول (١) إلى إمكان ذلك ، وسمِّي هذا النحو من الوجوب بالمعلق ؛ تمييزاً له عن الوجوب المشروط. فكلّ منهما ليس ناجزاً بتمام المعنى ، غير أنّ ذلك في المشروط ينشأ من إناطة الوجوب بشرط ، وفي المعلق من عدم مجيء زمان الواجب.

فإن قيل : إذا كان زمان الواجب متأخّراً ولا يبدأ إلاّعند طلوع الفجر ، فما الداعي للمولى إلى جعل الوجوب يبدأ من حين طلوع الهلال ما دام وجوباً معطّلاً عن الامتثال ، أو ليس ذلك لغواً؟!

كان الجواب : أنّ فعلية الوجوب تابعة لفعلية الملاك ، أي لاتّصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، فمتى اتّصف الفعل بذلك استحقّ الوجوب الفعلي. فإذا افترضنا أنّ طلوع الفجر ليس من شروط الاتّصاف بل من شروط الترتب ، وأنّ ما هو من شروط الاتّصاف طلوع هلال الشهر فقط ، فهذا يعني أنّه حين طلوع الهلال يتّصف صوم النهار بكونه ذا مصلحة ، فيكون الوجوب فعلياً وإن كان زمان الواجب مرهوناً بطلوع الفجر ؛ لأنّ طلوع الفجر دخيل في ترتّب المصلحة. ولفعلية

__________________

(١) الفصول : ٧٩.

۶۰۸۱