قاعدة إمكانِ الوجوبِ المشروط

للوجوب ثلاث مراحل ، وهي : الملاك ، والإرادة ، وجعل الحكم. وفي كلٍّ من هذه المراحل الثلاث قد تؤخذ قيود معيّنة ، فاستعمال الدواء للمريض واجب مثلاً ، فإذا أخذنا هذا الواجب في مرحلة الملاك نجد أنّ المصلحة القائمة به هي حاجة الجسم إليه ، ليسترجع وضعه الطبيعي ، وهذه الحاجة منوطة بالمرض ، فإنّ الإنسان الصحيح لا حاجة به إلى الدواء ، وبدون المرض لا يتّصف الدواء بأ نّه ذو مصلحة. ومن هنا يعبَّر عن المرض بأ نّه شرط في اتّصاف الفعل بالملاك ، وكلّ ما كان من هذا القبيل يسمّى بشرط الاتّصاف.

ثمّ قد نفرض أنّ الطبيب يأمر بأن يكون استعمال الدواء بعد الطعام ، فالطعام هنا شرط أيضاً ، ولكنّه ليس شرطاً في اتّصاف الفعل بالمصلحة ، إذ من الواضح أنّ المريض مصلحته في استعمال الدواء منذ يمرض ، وإنّما الطعام شرط في ترتّب تلك المصلحة وكيفية استيفائها بعد اتّصاف الفعل بها ، فالطبيب بأمره المذكور يريد أن يوضِّح أنّ المصلحة القائمة بالدواء لا تستوفى إلاّبحصّةٍ خاصّةٍ من الاستعمال ، وهي استعماله بعد الطعام. وكلّ ما كان من هذا القبيل يسمّى بشرط الترتّب تمييزاً له عن شرط الاتّصاف. وشرب الدواء سواء كان مطلوباً تشريعياً من قبل الآمر ، أو مطلوباً تكوينياً لنفس المريض له هذان النحوان من الشروط.

وشروط الاتّصاف تكون شروطاً لنفس الإرادة في المرحلة الثانية ، خلافاً لشروط الترتّب فإنّها شروط للمراد ، لا للإرادة ، من دون فرقٍ في ذلك كلّه بين الإرادة التكوينية والتشريعية.

فالإنسان لا يريد أن يشرب الدواء إلاّإذا رأى نفسه مريضاً ، ولا يريد

۶۰۸۱