مرحلةٍ إلى مرحلةٍ هي : أنّ الظواهر الضمنيّة في مرحلة الظهور التصديقي الأول مترابطة ولها نكتة واحدة ، فإن ثبت بطلان تلك النكتة لم يسلم شيء من تلك الظواهر الضمنيّة.

والنكتة هي : ظهور حال المتكلِّم في أنّه يستعمل اللفظ استعمالاً حقيقياً ، فإنّ هذا هو الذي يجعلنا نستظهر أنّ هذا الفرد من المائة داخل في نطاق الاستعمال وذاك داخل ، وهكذا. فاذا علمنا بأنّ اللفظ قد استعمل مجازاً ، وأنّ المتكلِّم قد خالف ظهوره الحالي المذكور فلا موجب بعد ذلك لافتراض أنّ هذا الفرد أو ذاك داخل في نطاق الاستعمال.

وهذا خلافاً للظواهر الضمنية في مرحلة الظهور التصديقي الثاني ، فإنّ نكتة كلّ واحدةٍ منها مستقلّة عن نكتة الباقي ، فإنّ كلّ جزءٍ من أجزاء مدلول الكلام ـ أي المعنى المستعمل فيه ـ ظاهر في الجدّية ، فاذا علمنا ببطلان هذا الظهور في بعض أجزاء الكلام فلا يسوِّغ ذلك رفع اليد عن ظهور الأجزاء الاخرى من مدلول الكلام في الجدّية ، وهكذا يثبت أنّ العام حجّة في الباقي.

ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى أنّ الاستشكال في حجّية العام في تمام الباقي بعد التخصيص ـ على النحو المتقدم ـ إنّما اثير في المخصّصات المنفصلة دون المتصلة ؛ نظراً إلى أنّه في حالات المخصّص المتصل ـ كما في «أكرم كلّ مَن في البيت إلاّالعشرة» ـ تكون الأداة مستعملةً في استيعاب أفراد مدخولها حقيقةً ، غير أنّ المخصّص المتصل يساهم في تعيين هذا المدخول وتحديده ، فلا تجوّز ليقال أيّ فرقٍ بين مجازٍ ومجاز؟

وعلى أيّ حالٍ فبالنسبة إلى الصيغة الأساسية للمسألة المطروحة ، وهي حجّية الظهور التضمّني ، اتّضح أنّ الظواهر التضمّنية إذا كانت جميعاً بنكتةٍ واحدةٍ وعُلِم ببطلان تلك النكتة سقطت عن الحجّية كلّها ، وإذا كانت استقلاليةً في نكاتها لم يسقط بعضها عن الحجّية بسبب سقوط البعض الآخر.

۶۰۸۱