ولا شكّ في حجّية كلّ ظواهرها الضمنية.

ولكن إذا ورد مخصِّص منفصل دلّ على عدم وجوب بعض أفراد العام ، ولنفرض أنّ هذا البعض يشمل عشرةً من المائة ، فهذا يعني أنّ بعض الظواهر الضمنية سوف تسقط عن الحجّية ؛ لمجيء المخصِّص. والسؤال هنا هو : أنّ الظواهر الضمنية الاخرى التي تشمل التسعين الباقين هل تبقى على الحجية ، أوْ لا؟

فإن قيل بالأول كان معناه أنّ الظهور التضمّني غير تابعٍ للظهور الاستقلالي في الحجّية ، وإن قيل بالثاني كان معناه التبعية ، كما تكون الدلالة الالتزامية تابعةً للدلالة المطابقية في الحجّية.

والأثر العملي بين القولين : أنّه على الأول نتمسّك بالعام لإثبات الحكم لتمام من لم يشملهم التخصيص ، وعلى الثاني تسقط حجّية الظواهر التضمّنية جميعاً ، ولا يبقى دليل حينئذٍ على أنّ الحكم هل يشمل تمام الباقي ، أوْ لا؟

وقد ذهب بعض الاصوليّين (١) إلى سقوط الظواهر والدلالات التضمّنية جميعاً عن الحجّية ؛ وذلك لأنّ ظهور الكلام في الشمول لكلّ واحدٍ من المائة في المثال المذكور إنّما هو باعتبار نكتةٍ واحدة ، وهي الظهور التصديقي لأداة العموم في أنّها مستعملة في معناها الحقيقي وهو الاستيعاب ، وبعد أن علمنا أنّ الأداة لم تستعمل في الاستيعاب بدليل ورود المخصِّص وإخراج عشرةٍ من المائة نستكشف أنّ المتكلِّم خالف ظهور حاله واستعمل اللفظ في المعنى المجازي.

وبهذا تسقط كلّ الظواهر الضمنية عن الحجّية ؛ لأنّها كانت تعتمد على هذا الظهور الحالي الذي علم بطلانه ، وفي هذه الحالة يتساوى افتراض أن تكون

__________________

(١) ذهب إلى ذلك جماعة من العامّة منهم البلخي ، راجع مطارح الأنظار : ١٩٢.

۶۰۸۱