اللغة وأساليب التعبير العام ، وهذا هو الظهور الموضوعي. والأول يتأثّر بالعوامل والظروف الشخصية للذهن التي تختلف من فردٍ إلى آخر تبعاً إلى انسه الذهني وعلاقاته ، بخلاف الثاني الذي له واقع محدَّد يتمثّل في كلّ ذهنٍ يتحرّك بموجب علاقات اللغة وأساليب التعبير العام ، وما هو موضوع الحجِّية الظهور الموضوعي ؛ لأنّ هذه الحجِّية قائمة على أساس أنّ ظاهر حال كلّ متكلِّمٍ إرادة المعنى الظاهر من اللفظ ، ومن الواضح أنّ ظاهر حاله باعتباره إنساناً عرفياً إرادة ما هو المعنى الظاهر موضوعياً لا ماهو الظاهر نتيجةً لملابساتٍ شخصيةٍ في ذهن هذا السامع أو ذاك.

وأمّا الظهور الذاتي ـ وهو ما قد يعبَّر عنه بالتبادر أو الانسباق ـ فيمكن أن يقال بأ نّه أمارة عقلائية على تعيين الظهور الموضوعي ، فكلّ إنسانٍ إذا انسبق إلى ذهنه معنىً مخصوص من كلامٍ ولم يجد بالفحص شيئاً محدّداً شخصياً يمكن أن يفسِّر ذلك الانسباق ، فيعتبر هذا الانسباق دليلاً على الظهور الموضوعي.

وبهذا ينبغي أن يميَّز بين التبادر على مستوى الظهور الذاتي والتبادر على مستوى الظهور الموضوعي.

فالأوّل : كاشف عن الظهور الموضوعي وبالتالي عن الوضع. والثاني :

كاشف إنِّيّ تكوينيّ ـ مع عدم القرينة ـ عن الوضع.

الظهور الموضوعيّ في عصر النصّ :

لا شكّ في أنّ ظواهر اللغة والكلام تتطوّر وتتغيّر على مرِّ الزمن بفعل مؤثِّراتٍ مختلفةٍ لغويةٍ وفكريةٍ واجتماعية. فقد يكون ما هو المعنى الظاهر في عصر صدور الحديث مخالفاً للمعنى الظاهر في عصر السماع الذي يراد العمل فيه بذلك الحديث ، وموضوع حجِّية الظهور في عصر صدور الكلام لا في عصر السماع المغاير له ؛ لأنّها حجِّية عقلائية قائمة على أساس حيثية الكشف والظهور

۶۰۸۱