شرعيٍّ كلّي ، والكشف بها عن دليلٍ شرعيٍّ على ذلك الحكم ، وهي التي كنّا نقصدها بهذا البحث بوصفها من وسائل إثبات الدليل الشرعي.

[السيرة المحقّقة لصغرى الحكم الشرعي :]

ولكن هناك نحو آخر من السيرة لا يكشف عن الدليل الشرعيّ على حكمٍ كلّي ، وإنّما يحقِّق صغرى لحكمٍ شرعيٍّ كلّيٍّ قد قام عليه الدليل في المرتبة السابقة.

وإلى هذا النحو من السيرة ترجع ـ على الأغلب ـ البناءات العقلائية التي يراد بها تحليل مرتكزات المتعامِلَين ومقاصدهما النوعية في مقام التعامل بنحوٍ يحقِّق صغرى لأدلّة الصحة والنفوذ في باب المعاملات.

ومثال ذلك : ما يقال من انعقاد السيرة العقلائية على اشتراط عدم الغبن في المعاملة بنحوٍ يكون هذا الاشتراط مفهوماً ضمناً وإن لم يصرَّح به ، وعلى هذا الأساس يثبت خيار الغبن بالشرط الضمنيّ في العقد ، فإنّ السيرة العقلائيّة المذكورة لم تكشف عن دليلٍ شرعيٍّ على حكمٍ كلّي ، وإنّما حقّقت صغرى لدليل «المؤمنون عند شروطهم» (١) ، وكلّ سيرةٍ من هذا القبيل لا يشترط في تأثيرها على هذا النحو أن تكون معاصرةً للمعصومين عليهم‌السلام ؛ لأنّها متى ما وُجِدت أوجدت صغرى لدليلٍ شرعيٍّ ثابت ، فيتمسّك بإطلاق ذلك الدليل لتطبيق الحكم على صغراه.

وهناك فوارق اخرى بين السيرتين ، فإنّ السيرة التي يستكشف بها دليل شرعيّ على حكمٍ كلّيٍّ تكون نتيجتها مُلزمةً حتّى لمن شذّ عن السيرة ، فلو فرض أنّ شخصاً لم يكن يرى ـ بما هو عاقل ـ أنّ طيب نفس المالك كافٍ في جواز

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٠ ، الباب ٢٠ من أبواب المهور ، الحديث ٤.

۶۰۸۱