الاصوليّ (المنجِّزية والمعذِّرية) أن تكون السيرة العقلائية في مجال التطبيق قد افترضت ارتكازاً اتّفاق الشارع مع غيره في الحجّية ، وجرت في علاقتها مع الشارع على أساس هذا الافتراض ، أو أن تكون على الأقلّ بنحوٍ يعرضها لهذا الافتراض والجري. وهذا معنىً قد يثبت في السيرة العقلائية على العمل بالأمارات الظنّية في المقام الأول أيضاً ، أي في مجال الأغراض الشخصية التكوينية ، فإنّها كثيراً ما تولِّد عادةً وذوقاً في السلوك يعرض المتشرّعة بعقلائيتهم إلى الجري على طبق ذلك في الشرعيات أيضاً ، فلا يتوقّف إثبات الحجّية بالسيرة على أن تكون السيرة جاريةً في المقام الثاني ومنعقدةً على الحجّية بالمعنى الاصولي.

ومهما يكن الحال فلا شكّ في أنّ معاصرة السيرة العقلائية لعصر المعصومين عليهم‌السلام شرط في إمكان الاستدلال بها على الحكم الشرعي ؛ لأنّ حجّيتها ليست بلحاظ ذاتها ، بل بلحاظ استكشاف الإمضاء الشرعيِّ من التقرير وعدم الردع ، فلكي يتمّ هذا الاستكشاف يجب أن تكون السيرة معاصرةً لظهور المعصومين عليهم‌السلام ؛ لكي يدلّ سكوتهم على الإمضاء ، وأمّا السيرة المتأخّرة فلا يدلّ عدم الردع عنها على الإمضاء ، كما تقدّم في الحلقة السابقة (١).

وأمّا كيف يمكن إثبات أن السيرة كانت قائمةً فعلاً في عصر المعصومين فقد مرّ بنا البحث عن ذلك في الحلقة السابقة (٢).

إلاّأنّ اشتراط المعاصرة إنّما هو في السيرة التي يراد بها إثبات حكمٍ

__________________

(١) ضمن البحث عن تحديد دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي ، تحت عنوان : السيرة.

(٢) ضمن البحث عن وسائل الإثبات الوجداني ، تحت عنوان : الإحراز الوجداني للدليل الشرعي غير اللفظي.

۶۰۸۱