وأمّا على مستوى المدلول التصديقي للجملة فقد تكشف الجملة في هذه المرحلة عن معنىً يبرهن على أنّ الشرط علّة منحصرة ، أو جزء علّةٍ منحصرةٍ للجزاء ، وبذلك يثبت المفهوم. وهذا من قبيل المحاولة الهادفة لإثبات المفهوم تمسّكاً بالإطلاق الأحواليّ للشرط لإثبات كونه مؤثّراً على أيِّ حال ، سواء سبقه شيء آخر أوْ لا ، ثمّ لاستنتاج انحصار العلّة بالشرط من ذلك ، إذ لو كانت للجزاء علّة اخرى لَما كان الشرط مؤثّراً في حال سبق تلك العلّة ، فإنّ هذا انتزاع للمفهوم من المدلول التصديقي ؛ لأنّ الإطلاق الأحواليّ للشرط مدلول لقرينة الحكمة ، وقد تقدّم سابقاً أنّ قرينة الحكمة ذات مدلولٍ تصديقيٍّ ولا تساهم في تكوين المدلول التصوري.

هذا ما ينبغي أن يقال في تحديد الضابط.

وأمّا المشهور فقد اتّجهوا إلى تحديد الضابط للمفهوم في ركنين ، كما مرّ بنا في الحلقة السابقة (١) :

أحدهما : استفادة اللزوم العلِّيِّ الانحصاري.

والآخر : كون المعلّق مطلق الحكم لا شخصه ، ولا كلام لنا فعلاً في الركن الثاني.

وأمّا الركن الأول فالالتزام بركنيَّته غير صحيح ، إذ يكفي في إثبات المفهوم ـ كما تقدّم ـ دلالة الجملة على الربط بنحو التوقّف ولو كان على سبيل الصدفة.

مورد الخلاف في ضابط المفهوم :

ثمّ إنّ المحقّق العراقيّ (٢) رحمه‌الله ذهب إلى أنّه لا خلاف في أنّ جميع الجمل

__________________

(١) في بحث المفاهيم ، تحت عنوان : ضابط المفهوم.

(٢) مقالات الاصول ١ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ، ونهاية الأفكار ١ : ٤٧٠ ـ ٤٧٣.

۶۰۸۱