أهل البيت عليهم‌السلام تذمّ الاجتهاد (١) ، وتريد به ذلك المبدأ الفقهيّ الذي يتّخذ من التفكير الشخصيّ مصدراً من مصادر الحكم ، وقد دخلت الحملة ضدّ هذا المبدأ الفقهيّ دور التصنيف في عصر الأئمّة أيضاً والرواة الذين حملوا آثارهم ، وكانت الحملة تستعمل كلمة «الاجتهاد» غالباً للتعبير عن ذلك المبدأ وفقاً للمصطلح الذي جاء في الروايات.

فقد صنّف عبد الله بن عبد الرحمان الزبيريّ كتاباً أسماه «الاستفادة في الطعون على الأوائل والردّ على أصحاب الاجتهاد والقياس».

وصنّف هلال بن إبراهيم ابن أبي الفتح المدنيّ (٢) كتاباً في الموضوع باسم كتاب «الرّد على من ردّ آثار الرسول واعتمد على نتائج العقول» (٣).

وصنّف في عصر الغيبة الصغرى أو قريباً منه إسماعيل بن علي بن إسحاق ابن أبي سهل النوبختي كتاباً في الردّ على عيسى بن أبان في الاجتهاد ، كما نصّ على ذلك كلّه النجاشيّ صاحب الرجال في ترجمة كلّ واحدٍ من هؤلاء (٤).

وفي أعقاب الغيبة الصغرى نجد الصدوق في أواسط القرن الرابع يواصل تلك الحملة ، ونذكر له ـ على سبيل المثال ـ تعقيبه على قصّة موسى والخضر ، إذ كتب يقول : «إنّ موسى مع كمال عقله وفضله ومحلّه من الله تعالى لم يدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتّى اشتبه عليه وجه الأمر به ، فإذا لم يجزْ لأنبياء الله ورسله القياس والاستدلال والاستخراج كان مَن دونهم مِن الامم أولى بأن لا يجوز لهم ذلك ... ، فإذا لم يصلح موسى للاختيار مع فضله ومحلّه فكيف تصلح الامّة

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ٣٥ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي

(٢) في المصدر : الدُّلَفي ، بدلاً عن المدنيّ

(٣) في المصدر : «واعتمد نتائج العقول» بدون كلمة على

(٤) فهرست النجاشي : ٣١ و ٢٢٠ و ٤٤٠ برقم ٦٨ و ٥٧٥ و ١١٨٦

۴۷۲۱