يعارضه خبر مثله ليس متّصفاً بهذه المخالفة يقدَّم عليه ذلك الخبر.

وإذا لاحظنا المرجّح الثاني وجدنا أنّه يأتي بعد افتراض عدم إمكان علاج التعارض على أساس المرجّح الأوّل ، وقد نصّت الرواية في المرجّح الثاني على الأخذ بما خالف أخبار العامّة ، وتقديمه على ما وافق أخبارهم ، ومن هنا قد يقال باختصاص هذا الترجيح بما إذا كانت المخالفة والموافقة لأخبارهم ، ولا يكفي للترجيح المخالفة والموافقة لِمَا هو المعروف من فتاواهم وآرائهم إذا لم تكن مستندةً إلى الأخبار.

ولكنّ الصحيح التعدّي إلى المخالفة والموافقة مع الفتاوى والآراء أيضاً وإن كانت على أساس غير الأخبار من أدلّة الاستنباط عندهم ؛ لأنّ الترجيح ليس حكماً تعبّديّاً صرفاً ، بل هو حكم له مناسبات عرفيّة مركوزة بلحاظ أنّ ما اكتنف الأئمّة عليهم‌السلام من ظروف التقيّة أوجب تطرّق احتمال التقيّة إلى الخبر الموافق دون المخالف ، وهذا كما يجري في موارد الموافقة والمخالفة لأخبارهم كذلك في موارد الموافقة والمخالفة لآرائهم المستندة إلى مدركٍ آخر.

الحكم الرابع : قاعدة التخيير للروايات الخاصّة :

وإذا لم يوجد مرجّح في مجال الخبرين المتعارضين فقد يقال بوجود دليلٍ خاصٍّ أيضاً يقتضي الحجّيّة التخييريّة ، فلا تصل النوبة إلى إعمال قاعدة التساقط ، وهذا يعني أنّ الافتراض الرابع مع الافتراضات الخمسة الذي عجز دليل الحجّيّة العامّ عن إثباته تَوفَّرَ لدينا دليل خاصّ عليه يُسمّى بأخبار التخيير.

ولعلّ من أهمّ أخبار التخيير رواية سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الرجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمرٍ كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ فقال : «يُرجِئه حتّى يلقى من يخبره ، فهو

۴۷۲۱