١ ـ التعارض بين الأدّلةِ المحرزة

الدليل المحرز ـ كما تقدّم ـ إمّا دليل شرعيّ لفظي ، أو دليل شرعيّ غير لفظي ، أو دليل عقلي. والدليل العقليّ لا يكون حجّةً إلاّإذا كان قطعيّاً ، وأمّا الدليل الشرعيّ بقسميه فقد يكون قطعيّاً ، وقد لا يكون قطعيّاً مع كونه حجّة.

فإذا تعارض الدليل العقليّ مع دليلٍ مّا : فإن كان الدليل العقليّ قطعيّاً قُدّم على معارضه على أيّ حال ؛ لأنّه يقتضي القطع بخطأ المعارض ، وكلّ دليلٍ يقطع بخطئه يسقط عن الحجّيّة.

وإن كان الدليل العقليّ غير قطعيٍّ فهو ليس حجّةً في نفسه لكي يُعارض ما هو حجّة من الأدلّة الاخرى.

وإذا تعارض دليلان شرعيّان : فتارةً يكونان لفظيّين معاً ، واخرى يكون أحدهما لفظيّاً دون الآخر ، وثالثةً يكونان معاً من الأدلّة الشرعيّة غير اللفظيّة.

والمهمّ في المقام الحالة الاولى ؛ لأنّها الحالة التي يدخل ضمنها جلّ موارد التعارض التي يواجهها الفقيه في الفقه ، وسنقصر حديثنا عليها.

فنقول : إنّ التعارض بين دليلين شرعيّين لفظيّين عبارة عن التنافي بين مدلولي الدليلين على نحوٍ يُعلم بأنّ المدلولين لا يمكن أن يكونا ثابتين في الواقع معاً. ولأجل تحديد مركز هذا التنافي نقدّم مقدّمتين :

الاولى : يجب أن نستذكر فيها ما تقدّم من أنّ الحكم ينحلّ إلى جعلٍ ومجعول ، وأنّ الجعل ثابت بتشريع المولى للحكم ، وأنّ المجعول لا يثبت إلاّعند تحقّق موضوعه وقيوده خارجاً. ومن الواضح أنّ الدليل الشرعيّ اللفظيّ متكفّل لبيان الجعل ، لا لبيان المجعول ؛ لأنّ المجعول يختلف من فردٍ إلى آخر ، فهو

۴۷۲۱