وقد حاول بعض المحقّقين (١) إبراز أنّ الدوران في الحقيقة بين متباينين لا بين متداخلين لكي يتشكّل علم إجماليّ ، وتطبّق القاعدة الثالثة ، وحاصل المحاولة : أنّ الوجوب المعلوم في الحالة المذكورة إمّا متعلّق بالتسعة المطلقة ، أو بالتسعة المقيّدة بالجزء العاشر ، وإطلاق التسعة وتقييدها حالتان متباينتان ، وبذلك يتشكّل علم إجماليّ بوجوب التسعة أو العشرة.

فإن قيل : إنّ العلم الإجماليّ بوجوب التسعة أو العشرة منحلّ إلى العلم التفصيليّ بأحد طرفيه ، والشكّ البدويّ في الطرف الآخر ، لأنّ التسعة معلومة الوجوب على أيّ حال ، والجزءالعاشر مشكوك الوجوب ، وإذا انحلّ العلم الإجماليّ سقط عن المنجّزيّة.

قلنا : إنّ طرفي العلم الإجماليّ هما : وجوب التسعة المطلقة ، ووجوب التسعة المقيّدة بالعاشر ، وكلّ من هذين الطرفين ليس معلوماً بالتفصيل ، وإنّما المعلوم وجوب التسعة على الإجمال ، وهذا نفس العلم الإجماليّ فكيف ينحلّ به؟!

فالصحيح أن يتّجه البحث إلى أنّه هل يوجد علم إجماليّ ، أوْ لا؟ بدلاً عن البحث في أنّه هل ينحلّ بعد افتراض وجوده؟

والتحقيق : هو عدم وجود علمٍ إجماليٍّ بالتكليف ؛ وذلك لأنّ وجوب التسعة المطلقة لا يعني وجوب التسعة ووجوب الإطلاق ، فإنّ الإطلاق كيفيّة في لحاظ المولى تنتج عدم وجوب العاشر وليس شيئاً يوجبه على المكلّف. وأمّا وجوب التسعة في ضمن العشرة فمعناه وجوب التسعة ووجوب العاشر ، وهذا معناه أنّنا حينما نلحظ ما أوجبه المولى على المكلّف نجد أنّه ليس مردّداً بين متباينين ، بل بين الأقلّ والأكثر ، فلا يمكن تصوير العلم الإجماليّ بالوجوب ،

__________________

(١) راجع الفصول : ١٠٣ ، وهداية المسترشدين : ٢٥٤

۴۷۲۱