مشروطة بالفحص وبذل الجهد في التوصّل إلى الحكم الواقعي.

ومنها : رواية أبي سعيد الزهريّ ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ...» (١).

وتقريب الاستدلال : أنّها تدلّ على وجود هلكةٍ في اقتحام الشبهة ، وهذا يعني تنجّز التكليف الواقعيّ المشكوك وعدم كونه مؤمّناً عنه ، وهو معنى وجوب الاحتياط.

ويرد على ذلك : أنّ هذا يتوقّف على حمل الشبهة على الاشتباه بمعنى الشكّ ، مع أنّ الأصل في مدلول الشبهة لغةً المثل والمحاكي ، وإنّما يطلق على الشكّ عنوان الشبهة ؛ لأنّ المماثلة والمشابهة تؤدّي إلى التحيّر والشكّ ، وعليه فلا موجب لحمل الشبهة على الشكّ ، بل بإمكان حملها على ما يشبه الحقّ شَبَهاً صوريّاً ، وهو باطل في حقيقته ، كما هو الحال في كثيرٍ من الدعوات الباطلة التي تبدو بالتدليس وكأ نّها واجدة لسمات الحقّ.

وقد فُسّرت الشبهة بذلك في جملةٍ من الروايات ، كما في كلامٍ للإمام [أمير المؤمنين] لابنه الحسن عليهما‌السلام حيث روي عنه أنّه قال : «وإنّما سُمّيت الشبهة شبهةً لأ نّها تشبه الحقّ ، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهدى ، وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى» (٢).

وعلى هذا الأساس يكون مفاد الرواية التحذير من الانخراط في الدعوات والاتّجاهات التي تحمل بعض شعارات الحقّ لمجرّد حسن الظنّ بوضعها الظاهريّ بدون تمحيصٍ وتدقيقٍ في واقعها ، ولاربط لها حينئذٍ بتعيين الوظيفة العمليّة في موارد الشكّ في التكليف.

__________________

(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٥٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢

(٢) المصدر السابق : ١٦١ ، الحديث ٢٤

۴۷۲۱