فَمَن اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإنَّ ربَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١).

وتقريب الاستدلال بالآية الكريمة : أنّ الله تعالى لَقّن نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيفيّة المحاجّة مع اليهود (في ما يرونه محرّماً) بأن يتمسّك بعدم الوجدان ، وهذا ظاهر في أنّ عدم الوجدان كافٍ للتأمين.

ويرد عليه : أنّ عدم وجدان النبيّ في ما اوحي إليه يساوق عدم الوجود الفعليّ للحكم ، فكيف يقاس على ذلك عدم وجدان المكلّف المحتمل أن يكون بسبب ضياع النصوص الشرعيّة؟

ومنها : قوله تعالى : ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنّ اللهَ بكُلِّ شَيءٍ عَلِيم (٢).

وتقريب الاستدلال بالآية الكريمة : أنّ المراد بالإضلال فيها إمّا تسجيلهم ضالّين ومنحرفين ، وإمّا نوعٌ من العقاب ، كالخذلان والطرد من أبواب الرحمة ، وعلى أيّ حالٍ فقد انيط الإضلال ببيان ما يتّقون لهم ، وحيث اضيف البيان لهم فهو ظاهرفي وصوله إليهم ، فمع عدم وصول البيان لا عقاب ولا ضلال ، وهو معنى البراءة.

وأمّا الروايات فعديدة أيضاً :

منها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام من قوله : «كلّ شيءٍ مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٣).

والإطلاق يساوق السعة والتأمين ، والشاكّ يصدق بشأنه أنّه لم يرده النهي فيكون مؤمّناً عن التكليف المشكوك ، وهو المطلوب.

وقد يُعترض على هذا الاستدلال : بأنّ الورود تارةً يكون بمعنى الصدور ،

__________________

(١) الأنعام : ١٤٥

(٢) التوبة : ١١٥

(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٧٣ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٧

۴۷۲۱