عقلائيّةٍ مختلفةٍ للتأكّد من هذه الحالة العامّة.

وهذا طريق قد يحصل للإنسان الوثوق بسببه ، ولكنّه ليس طريقاً استدلاليّاً موضوعيّاً إلاّبقدر ما يُتاح للملاحِظِ من استقراءٍ للمجتمعات العقلائيّة المختلفة.

[٢ ـ سكوت المعصوم] :

وأمّا سكوت المعصوم الدالّ على الإمضاء فقد يقال : إنّ من الصعوبة بمكانٍ الجزمَ به ، إذ كيف نعرف أنّه لم يصدر من المعصوم ما يدلّ على الردع عن السيرة المعاصرة له؟ وغاية ما نستطيع أن نتأكّد منه هو عدم وجود هذا الردع في ما بأيدينا من نصوص ، غير أنّ ذلك لا يعني عدم صدوره ، إذ لعلّه قد صدر ولم يصل.

غير أنّ الطريقة التي نتغلّب بها على هذه الصعوبة تتمّ كما يأتي :

نطرح القضيّة الشرطيّة القائلة : لو كان قد ردع المعصوم عن السيرة لوصل إلينا ، والتالي باطل ؛ لأنّ المفروض عدم وصول الردع ، فالمقدّم مثله.

ووجه الشرطيّة : أنّ الردع عن سيرةٍ عقلائيّةٍ مستحكمةٍ لا يتحقّق بصورةٍ جادّةٍ بمجرّد نهيٍ واحدٍ أو نهيين ، بل يجب أن يتناسب حجم الردع مع قوّة السيرة وترسّخها ، فالردع إذن يجب أن يتمثّل في نواهٍ كثيرة ، وهذه النواهي بنفسها تخلق ظروفاً مناسبةً لأمثالها ؛ لأنّها تُلفِت أنظار الرواة إلى السؤال ، وتكثر الأسئلة والأجوبة ، والدواعي متوفّرة لضبط هذه النواهي من قبل الرواة ، فيكون من الطبيعيّ أن يصل إلينا شيء منها. وفي حالة عدم وصول شيءٍ ـ بالقدر الذي تفترضه الظروف المشار إليها ـ نستكشف عدم صدور الردع ، وبذلك يتمّ كلا الركنين لدليل السيرة.

۴۷۲۱