دلالات التأريخ العامّ.

الطريق الثالث : أن يكون لعدم قيام السيرة المعاصرة للمعصومين على الحكم المطلوب لازم يعتبر انتفاؤه وجدانيّاً ، فيثبت بذلك قيام السيرة على ذلك النحو. ولنوضّح ذلك في مثالٍ كما يأتي :

لنفرض أنّنا نريد أن نثبت أنّ السيرة المعاصرة للأئمّة عليهم‌السلام كانت قائمةً على الاجتزاء بالمسح ببعض الكفّ في الوضوء ، فنقول : إنّ السيرة إذا كانت منعقدةً على ذلك حقّاً فهذا سوف يكون دليلاً على عدم الوجوب لدى من يحاول الاستعلام عن حكم المسألة ، فيغنيه عن السؤال.

وأمّا إذا لم تكن السيرة منعقدةً على ذلك وكان افتراض المسح بتمام الكفّ وارداً في السلوك العمليِّ لكثيرٍ من المتشرّعة وقتئذٍ فهذا يعني أنّ استعلام حكم المسألة ينحصر بالسؤال من المعصومين ، أو الرجوع إلى رواياتهم ؛ لأنّ مسح المتشرّعة بتمام الكفّ لا يكفي لإثبات الوجوب ، وحيث إنّ المسألة محلّ الابتلاء لعموم أفراد المكلفين ، ووجوب المسح بتمام الكفّ يستبطن عنايةً فائقة تحفِّز على السؤال فمن الطبيعيّ أن تكثر الأسئلة في هذا المجال ، وتكثر الأجوبة تبعاً لذلك ، وفي هذه الحالة يفترض عادةً أن يصل إلينا مقدار من ذلك على أقلّ تقدير ؛ لاستبعاد اختفاء جلّها ، مع توفّر الدواعي على نقلها ، وعدم وجود ما يبرّر الاختفاء ، فإذا لم يصل إلينا ذلك نعرف أنّه لم تكن هناك أسئلة وأجوبة كثيرة ، وبالتالي لم تكن هناك حاجة إلى استعلام حكم المسألة عن طريق السؤال والجواب. وهذا يعيِّن افتراض قيام السيرة على الاجتزاء بالمسح ببعض الكفّ.

وهذا الاستدلال يتوقّف ـ كما لاحظنا ـ على :

[١ ـ] أنّ المسألة محلّ الابتلاء للعموم.

[٢ ـ] وكون الحكم المقابل ـ كوجوب المسح بتمام الكفّ في المثال ـ يتطلّب

۴۷۲۱