إثبات المِلاك بالدليل

عرفنا سابقاً (١) أنّ كلّ حكمٍ له ملاك ، فالوجوب ـ مثلاً ـ ملاكه المصلحة الأكيدة في الفعل ، والدليل على الحكم بالمطابقة دليل بالالتزام على ملاكه ، فله مدلولان : مطابقيّ ، والتزاميّ. فإذا افترضنا في حالةٍ من الحالات أنّ الحكم تعذّر إثباته بذلك الدليل ، كما هو الحال في صورة العجز ، فإنّ الحكم بوجوب الفعل على العاجز غير صحيح ، فهذا يعني أنّ المدلول المطابقيّ للدليل ساقط في هذه الصورة.

والسؤال بهذا الشأن هو : أنّه هل يمكن إثبات وجود الملاك بالدليل فيما إذا كان هناك أثر يترتّب على إثبات الملاك كوجوب القضاء مثلاً؟

والجواب على هذا السؤال يتعلّق بما يتّخذ من مبنىً في ترابط الدلالة الالتزاميّة مع الدلالة المطابقيّة في الحجّيّة ، فإن قلنا باستقلال كلٍّ من هاتَين الدلالتَين في الحجّيّة أمكن إثبات الملاك في المقام بالدلالة الالتزاميّة للدليل ؛ لأنّ سقوط دلالته المطابقيّة لا يؤثر على حجّيّة الدلالة الالتزاميّة بحسب الفرض ، وإن قلنا بتبعيّة الالتزاميّة للمطابقيّة في الحجّيّة ـ كما هو الصحيح ـ فلا يمكن ذلك. وعليه ففي كلّ حالةٍ يتعذّر فيها إثبات نفس الحكم بالدليل لا يبقى في الدليل ما يثبت وجود الملاك.

ومثل ذلك : ما إذا كان الدليل على حكمٍ دالاًّ بالالتزام على حكمٍ آخر.

وسقط المدلول المطابقيّ فإنّ محاولة إثبات الحكم المدلول التزاماً حينئذٍ بنفس الدليل كمحاولة إثبات الملاك بالدليل في الحالة الآنفة الذكر.

__________________

(١) سبق تحت عنوان : مبادئ الحكم التكليفي

۴۷۲۱