بل يكفي أن يكون جزءَ العلّة إذا افترضنا كونه جزءاً لعلّةٍ منحصرة ، فالمهمّ من ناحية المفهوم الانحصار ، لا العلّيّة.

وثانياً : أنّ الجملة الشرطيّة ـ مثلاً ـ إذا أفادت كون الجزاء ملتصقاً بالشرط ومتوقّفاً عليه كفى ذلك في إثبات الانتفاء عند الانتفاء ولو لم يكن فيها ما يثبت علّيّة الشرط للجزاء ؛ أو كونه جزءَ العلّة ، بل وحتّى لو لم يكن فيها ما يدلّ على اللزوم ، ولهذا لو قلنا : «إنّ مجيء زيدٍ متوقّف صدفةً على مجيء عمروٍ» لدلّ ذلك على عدم مجيء زيدٍ في حالة عدم مجيء عمرو ، فليست دلالة الجملة على اللزوم العِلّيِّ الانحصاريِّ هي الاسلوب الوحيد لدلالتها على المفهوم ، بل يكفي بدلاً عن ذلك دلالتها على الالتصاق والتوقّف ولو صدفةً من جانب الجزاء.

مفهوم الشرط :

من أهمّ الجمل التي وقع البحث عن مفهومها : الجملة الشرطيّة ، ولا شكّ في دلالتها على ربط الجزاء بالشرط ؛ وإن وقع الاختلاف في الدالّ على هذا الربط ، فالرأي المعروف أنّ أداة الشرط هي الدالة على الربط وضعاً.

وخالف في ذلك المحقّق الإصفهانيّ (١) ، إذ ذهب إلى أنّ الأداة موضوعة لإفادة أنّ مدخولها (أي الشرط) قد افُترِض وقُدِّر على نهج الموضوع في القضيّة الحقيقيّة ، وأمّا ربط الجزاء بالشرط وتعليقه عليه فهو مستفاد من هيئة الجملة وما فيها من ترتيبٍ للجزاء على الشرط.

وعلى أيّ حالٍ يتّجه البحث حول ما إذا كان هذا الربط المستفاد من الجملة الشرطيّة بين الجزاء والشرط يفي بإثبات المفهوم ، أوْ لا؟

__________________

(١) نهاية الدراية ٢ : ٥٣ و ٤١٢

۴۷۲۱