الإطلاق

الإطلاق يقابل التقييد ، فإن تصوّرت معنىً ولاحظت فيه وصفاً خاصّاً أو حالةً معينةً كان ذلك تقييداً ، وإن تصوّرته بدون أن تلحظ معه أيّ وصفٍ أو حالةٍ اخرى كان ذلك إطلاقاً ، فالتقييد إذن هو لحاظ خصوصيّةٍ زائدةٍ في الطبيعة ، والإطلاق عدم لحاظ الخصوصيّة الزائدة. والطبيعة محفوظة في كلتا الحالتين ، غير أنّها تتميّز في الحالة الاولى بأمرٍ وجوديٍّ وهو لحاظ الخصوصيّة ، وتتميّز في الحالة الثانية بأمرٍ عدميٍّ وهو عدم لحاظ الخصوصيّة.

ومن هنا يقع البحث في أنّ كلمة «إنسان» ـ مثلاً ـ أو أيّ كلمةٍ مشابهةٍ هل هي موضوعة للطبيعة المحفوظة في كلتا الحالتين ، فلا التقييد دخيل في المعنى الموضوع له ولا الإطلاق ، بل الكلمة بمدلولها تلائم كلا الأمرين ، أو أنّ الكلمة موضوعة للطبيعة المطلقة ، فتدلّ الكلمة بالوضع على الإطلاق وعدم لحاظ القيد؟

وقد وقع الخلاف في ذلك ، ويترتّب على هذا الخلاف أمران :

أحدهما : أنّ استعمال اللفظ وإرادة المقيّد على طريقة تعدّد الدالِّ والمدلول يكون استعمالاً حقيقيّاً على الوجه الأوّل ؛ لأنّ المعنى الحقيقيّ للكلمة محفوظ في ضمن المقيّد والمطلق على السواء ، ويكون مجازاً على الوجه الثاني ؛ لأنّ الكلمة لم تستعمل في المطلق مع أنّها موضوعة للمطلق ، أي للطبيعة التي لم يلحظ معها قيد بحسب الفرض.

والأمر الآخر : أنّ الكلمة إذا وقعت في دليل حكمٍ ، كما إذا اخذت موضوعاً للحكم ـ مثلاً ـ ولم نعلم أنّ الحكم هل هو ثابت لمدلول الكلمة على الإطلاق ، أو لحصّةٍ مقيّدةٍ منه؟ أمكن على الوجه الثاني أن نستدلّ بالدلالة الوضعيّة لِلَّفظ على

۴۷۲۱