المقارنة بين الجمل التامّة والناقصة :

لا شكّ في أنّ المعنى الموضوع له للجملة التامّة يختلف عن المعنى الموضوع له للجملة الناقصة ؛ لأنّ الاولى يصحّ السكوت عليها دون الثانية. وهذا الاختلاف يوجد تفسيران له :

أحدهما : مبنيّ على أنّ المعنى الموضوع له هو المدلول التصديقيّ مباشرةً ، كما اختاره السيّد الاستاذ تفريعاً على تفسيره للوضع بالتعهّد ، وحاصله : أنّ الجملة التامّة في قولنا : «المفيدُ عالم» موضوعة لقصد الحكاية والإخبار عن ثبوت المحمول للموضوع ، والجملة الناقصة الوصفيّة في قولنا : «المفيد العالم» موضوعة لقصد إخطار صورة هذه الحصّة الخاصّة (١).

والجواب على ذلك : ما تقدّم من أنّ المعنى الموضوع له غير المدلول التصديقيّ ، بل هو المدلول التصوّريّ ، والمدلول التصوّريّ للحروف والهيئات هو النسبة ، فلابدّ من افتراض فرقٍ بين نحوين من النسبة : أحدهما يكون مدلولاً للجملة التامّة ، والآخر مدلول للجملة الناقصة.

والتفسير الآخر : أنّ هيئة كلتا الجملتين موضوعة للنسبة ، ولكنّها في إحداهما اندماجيّة وفي الاخرى غير اندماجيّة ، وكلّ جملةٍ موضوعة للنسبة الاندماجيّة فهي ناقصة ؛ لأنّها تحوِّل المفهومَين إلى مفهومٍ واحدٍ وتُصيّر الجملة في قوّة كلمةٍ واحدة ، وكلّ جملةٍ موضوعة للنسبة غير الاندماجيّة فهي جملة تامّة. وقد تقدّم في الحلقة السابقة بعض الحديث عن ذلك.

__________________

(١) راجع ما جاء في هامش أجود التقريرات ١ : ٢٤ و ٣١

۴۷۲۱