إلاّ إذا ثبت في دليل الحجّية أو في دليلٍ آخر أنّ المولى أعمل عنايةً ونزّل الأمارة منزلة الكاشف التامّ في أحكامه الشرعيّة ، كما نزّل الطواف منزلة الصلاة في قوله : «الطواف بالبيت صلاة» (١) ، وهذه عناية إضافيّة لايستبطنها مجرّد جعل الحجّية للأمارة.

وبهذا صحّ القول : إنّ دليل حجّية الأمارة بمجرّد افتراضه الحجّية لا يفي لإقامتها مقام القطع الموضوعيّ.

إثبات الدليل لجواز الإسناد :

من المقرّر فقهيّاً أنّ إسناد حكم إلى الشارع بدون علمٍ غير جائز ، وعلى هذا الأساس فإذا قام على الحكم دليل وكان الدليل قطعيّاً فلا شكّ في جواز إسناد مؤدّاه إلى الشارع ؛ لأنّه إسناد بعلم. وأمّا إذا كان الدليل غير قطعيِّ ـ كما في الأمارة التي قد جعل الشارع لها الحجّية وأمر باتّباعها ـ فهل يجوز هنا إسناد الحكم إلى الشارع؟

لا ريب في جواز إسناد نفس الحجّية والحكم الظاهريّ إلى الشارع ؛ لأنّه معلوم وجداناً. وأمّا الحكم الواقعيّ الذي تحكي عنه الأمارة فقد يقال : إنّ إسناده غير جائزٍ ؛ لأنّه لا يزال غير معلوم ، ومجرّد جعل الحجّية للأمارة لا يبرِّر الإسناد بدون علم ، وإنّما يجعلها منجّزةً ومعذّرةً من الوجهة العمليّة.

وقد يقال : إنّ هذا مرتبط بالبحث السابق في قيام الأمارة مقام القطع الموضوعيّ ؛ لأنّ القطع اخذ موضوعاً لجواز إسناد الحكم إلى المولى ، فإذا استفيدت من دليل الحجّية تلك العناية الإضافيّة التي تقوم الأمارة بموجبها مقام القطع الموضوعيّ ترتّب عليها جواز إسناد مؤدّى الأمارة إلى الشارع ، وإلاّ فلا.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٩ : ٤١٠ ، الباب ٣٨ من أبواب الطواف ، الحديث ٢

۴۷۲۱