خلاف ما قطع.

وعلى الثاني يكون القطع معذّراً ، إذ لا حقّ طاعةٍ للمولى في حالة عدم انكشاف التكليف ولو انكشافاً احتماليّاً.

والأوّل من هذين الاحتمالين غير صحيح ؛ لأنّ حقّ الطاعة من المستحيل أن يحكم به العقل بالنسبة إلى تكليفٍ يقطع المكلّف بعدمه ، إذ لا يمكن للمكلّف أن يتحرّك عنه فكيف يحكم العقل بلزوم ذلك؟!

فيتعيّن الاحتمال الثاني ، ومعه يكون القطع بعدم التكليف معذّراً عنه ؛ لأنّه يخرج في هذه الحالة عن دائرة حقّ الطاعة ، أي عن نطاق حكم العقل بوجوب الامتثال.

التجرّي :

إذا قطع المكلّف بوجوبٍ أو تحريمٍ فخالفه وكان التكليف ثابتاً في الواقع اعتبر عاصياً ، وأمّا إذا قطع بالتكليف وخالفه ولم يكن التكليف ثابتاً واقعاً سمّي متجرّياً ، وقد وقع البحث في أنّه هل يُدانُ مثل هذا المكلّف المتجرّي بحكم العقل ويستحقّ العقاب كالعاصي ، أوْ لا؟

ومرّةً اخرى يجب أن نرجع إلى حقّ الطاعة الذي تمثّله مولويّة المولى لنحدّد موضوعه ، فهل موضوعه هو التكليف المنكشف للمكلّف ، أو مجرّد الانكشاف ولو لم يكن مصيباً؟ بمعنى أنّ حقّ المولى على الإنسان هل في أن يطيعه في تكاليفه التي انكشفت لديه ، أو في كلّ ما يُتراءى له من تكاليفه ، سواءكان هناك تكليف حقّاً أوْ لا؟

فعلى الأوّل لا يكون المكلّف المتجرّي قد أخلّ بحقّ الطاعة ، إذ لا تكليف ، وعلى الثاني يكون قد أخلّ به فيستحقّ العقاب.

والصحيح هو الثاني ؛ لأنّ حقّ الطاعة ينشأ من لزوم احترام المولى عقلاً

۴۷۲۱