تقديرٍ تبدأ مرحلة الإثبات ، وهي المرحلة التي يُبرِز فيها المولى ـ بجملةٍ إنشائيّةٍ أو خبريّةٍ ـ مرحلة الثبوت بدافعٍ من الملاك والإرادة ، وهذا الإبراز قد يتعلّق بالإرادة مباشرةً ، كما إذا قال : «اريد منكم كذا» ، وقد يتعلّق بالاعتبار الكاشف عن الإرادة ، كما إذا قال : ﴿للهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إليهِ سَبيلاً) (١).

وإذا تمّ هذا الإ براز من المولى أصبح من حقّه على العبد قضاءً لحقّ مولويّته الإتيان بالفعل ، وانتزع العقل عن إبراز المولى لإرادته الصادر منه بقصد التوصّل إلى مراده عناوين متعدّدةً ، من قبيل البعث والتحريك ونحوهما.

وكثيراً ما يُطلق على الملاك والإرادة ـ وهما العنصران اللازمان في مرحلة الثبوت ـ اسم «مبادئ الحكم» ، وذلك بافتراض أنّ الحكم نفسه هو العنصر الثالث من مرحلة الثبوت ـ أي الاعتبار ـ والملاك والإرادة مبادئ له ، وإن كان روح الحكم وحقيقته التي بها يقع موضوعاً لحكم العقل بوجوب الامتثال هي نفس الملاك والإرادة إذا تصدّى المولى لإبرازهما بقصد التوصّل إلى مراده ، سواء أنشأ اعتباراً أوْ لا.

ولكلّ واحدٍ من الأحكام التكليفيّة الخمسة مبادئ تتّفق مع طبيعته ، فمبادئ الوجوب هي الإرادة الشديدة ، ومن ورائها المصلحة البالغة درجةً عاليةً تأبى عن الترخيص في المخالفة. ومبادئ الحرمة هي المبغوضيّة الشديدة ، ومن ورائها المفسدة البالغة إلى الدرجة نفسها. والاستحباب والكراهة يتولّدان عن مبادئ من نفس النوع ، ولكنّها أضعف درجةً بنحوٍ يسمح المولى معها بترك المستحبّ وبارتكاب المكروه.

وأمّا الإباحة فهي بمعنيين :

__________________

(١) آل عمران : ٣

۴۷۲۱