ويمكن حمل هذه العبارة على ذلك بجعله استثناءً من اعتبار جميع الشرائط كلّها التي من جملتها توليته المدلول عليه بقوله أوّلاً: «أو نائبه» ثم قوله: «وتثبت ولاية القاضي ...» ثم ذَكَر باقي الشرائط، فيصير التقدير: أنّه يشترط في القاضي اجتماع ما ذكر إلّا قاضي التحكيم، فلا يشترط فيه اجتماعها؛ لصحّته بدون التولية. وهذا هو الأنسب بفتوى المصنّف والأصحاب.

ويمكن على بعدٍ أن يستثنى مع الشرط المذكور أمر آخر، بأن لا يعتبر المصنّف هنا فيه «البصر» و «الكتابة» لأنّ حكمه في واقعة أو وقائع خاصّة يمكن ضبطها بدونهما، أو لا يجب عليه ضبطها؛ لأنّه قاضي تراضٍ من الخصمين، فقد قدما على ذلك، ومن أراد منهما ضبط ما يحتاج إليه أشهد عليه؛ مع أنّ في الشرطين خلافاً في مطلق القاضي، ففيه أولى بالجواز؛ لانتفاء المانع الواردِ في العامِّ بكثرة الوقائع وعسر الضبط بدونهما.

وأمّا الذكوريّة: فلم ينقل أحد فيها خلافاً، ويبعد اختصاص قاضي التحكيم بعدم اشتراطها وإن كان محتملاً، ولا ضرورة بنا إلى استثنائها؛ لأنّ الاستثناء هو المجموع، لا الأفراد.

واعلم أنّ قاضي التحكيم لا يتصوّر في حال الغيبة مطلقاً؛ لأنّه إن كان مجتهداً نفذ حكمه بغير (١) تحكيم، وإلّا لم ينفذ حكمه مطلقاً إجماعاً، وإنّما يتحقّق مع جمعه للشرائط حال حضوره عليه‌السلام وعدم نصبه، كما بيّنّاه.

وقد تحرّر من ذلك: أنّ الاجتهاد شرط في القاضي في جميع الأزمان والأحوال، وهو موضع وفاق.

وهل يشترط في نفوذ حكم قاضي التحكيم تراضي الخصمين به بعده؟

__________________

(١) في (ف) : من غير.

۵۲۲۱