أمّا مع الضرورة، بأن تعذّر جميع ما تقدّم وخاف عليها في البلد، أو اضطرّ إلى السفر فلا ضمان، بل قد يجب؛ لأنّه من ضروب الحفظ.

والمعتبر في تعذّر التوصّل إلى المالك ومن بحكمه المشقّةُ الكثيرة عرفاً، وفي السفر العرفيُّ أيضاً، فما قصر عنه كالتردّد إلى حدود البلد وقرى لا يطلق على الذهاب إليها السفر يجوز فيه مصاحبتها مع أمن الطريق. ولا يجوز إيداعها في مثله مع إمكان استصحابها.

واستثني منه ما لو أودعه مسافراً، أو كان المستودع منتجعاً فإنّه يسافر بها من غير ضمان؛ لقدوم المالك عليه.

﴿ أو طَرَحَها في موضع تتعفّن فيه وإن كان حرزاً لمثلها؛ لما عرفت من أنّ الحرز مشروط باُمور اُخر هذا منها. وفي حكم العفن الموضع المفسد كالندى للكتب. وضابطه: ما لا يصلح لتلك الوديعة عرفاً بحسب مدّة إقامتها فيه.

﴿ أو تَرَكَ سقيَ الدابّة أو علفها ما لا تصبر عليه عادةً ومثلها المملوك. والمعتبر السقي والعلف بحسب المعتاد لأمثالها، فالنقصان عنه تفريط، وهو المعبّر عنه بعدم صبرها عليه، فيضمنها حينئذٍ وإن ماتت بغيره.

ولا فرق في ذلك بين أن يأمره بهما ويطلق وينهاه؛ لوجوب حفظ المال عن التلف. هذا هو الذي يقتضيه إطلاق العبارة، وهو أحد القولين في المسألة (١).

__________________

(١) لم نعثر على القول بالضمان، حتى في صورة نهي المالك، وقال العلّامة في التذكرة (الحجرية) ٢:٢٠٣: وقال بعضهم يجب عليه الضمان، وظاهره أنّ القائل هو بعض العامّة، ونقله في المجموع ١٥:٢٨. وأمّا القول بعدم الضمان فهو المعروف، وقد ذهب إليه الشيخ في المبسوط ٤:١٣٩، والمحقّق في الشرائع ٢:١٦٤، والعلّامة في التحرير ٣:١٩٨، والقواعد ٢:١٨٦.

۵۲۲۱