عدم المنافاة بين وجوب الحفظ وعدم وجوب البقاء على الوديعة من حيث إنّها عقد جائز.

﴿ ولا ضمان عليه لو تلفت أو عابت ﴿ إلّا بالتعدّي فيها بأن ركب الدابّة أو لبس الثوب أو فتح الكيس المختوم أو المشدود ﴿ أو التفريط بأن قصّر في الحفظ عادةً ﴿ فلو اُخذت منه قهراً فلا ضمان إن لم يكن سبباً في الأخذ القهري، بأن سعى بها إلى الظالم، أو أظهرها فوصل إليه خبرها مع مظنّته؛ ومثله ما لو أخبر بها اللصَّ فسرقها.

ولا فرق بين أخذ القاهر لها بيده وأمره له بدفعها إليه كرهاً؛ لانتفاء التفريط فيهما، فينحصر الرجوع على الظالم فيهما على الأقوى.

وقيل: يجوز له الرجوع على المستودع في الثاني وإن استقرّ الضمان على الظالم (١).

﴿ ولو تمكّن المستودع ﴿ من الدفع عنها بالوسائل الموجبة لسلامتها ﴿ وجب ما لم يؤدِّ إلى تحمّل الضرر الكثير، كالجرح وأخذ المال فيجوز تسليمها حينئذٍ وإن قدر على تحمّله. والمرجع في الكثرة والقلّة إلى حال المكرَه، فقد تُعدّ الكلمة اليسيرة من الأذى كثيراً في حقّه؛ لكونه جليلاً لا يليق بحاله ذلك، ومنهم من لا يعتدّ بمثله.

وأمّا أخذ المال: فإن كان مال المستودع لم يجب بذله مطلقاً، وإن كان من الوديعة فإن لم يستوعبها وجب الدفع عنها ببعضها ما أمكن، فلو ترك مع القدرة على سلامة البعض فأخذ الجميع ضمن ما يمكن سلامته. وإن لم يمكن إلّا بأخذها أجمع فلا تقصير. ولو أمكن الدفع عنها بشيء من ماله لا يستوعب قيمتها جاز،

__________________

(١) قاله الحلبي في الكافي:٢٣٠، والعلّامة في التذكرة (الحجريّة) ٢:٢٠٥.

۵۲۲۱