«أول قولي : إني أحمد الله» إذا كسرت «انّ» ; لأن المعنى أول قولي هذا اللفظ ، فالجملة خبر لا مفعول ، خلافا لأبي علي ، زعم أنها في موضع نصب بالقول فبقي المبتدأ بلا خبر فقدّر «موجود» أو «ثابت» وهذا المقدر يستغنى عنه ، بل هو مفسد للمعنى ; لأن «أول قولي : إني أحمد الله» باعتبار الكلمات «إن» وباعتبار الحروف الهمزة فيفيد الكلام على تقديره الإخبار بأن ذلك الأول ثابت ، ويقتضي بمفهومه أن بقية الكلام غير ثابت ، اللهم إلا أن يقدر «أول» زائداً ، والبصريون لا يجيزونه ، وتبع الزمخشري أبا علي في التقدير المذكور والصواب : خلاف قولهما ، فإن فتحت فالمعنى : حمدالله ، يعنى بأي عبارة كانت.

الرابع : قد تقع الجملة بعد القول غير محكية به ، وهي نوعان : محكية بقول آخر محذوف كقوله تعالى (١) : ﴿فَما ذَا تَأْمُرُونَ (الأعراف / ١١٠) بعد ﴿قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ ، لأن قولهم تم عند قوله : ﴿مِنْ أرْضِكُمْ ثم التقدير : فقال فرعون ; بدليل ﴿قَالُوا : أرْجِهْ وَأخاهُ (الأعراف / ١١١).

وغير محكية ، وهي نوعان : دالة على المحكية ، كقولك : «قال زيد لعمرو في حاتم ، أتظن حاتماً بخيلاً؟» فحذف المقول ، وهو «حاتم بخيل» مدلولا عليه بجملة الإنكار التي هي من كلامك دونه. وغير دالة عليه ، نحو : ﴿وَلا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إنَّ الْعِزّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (يونس / ٦٥) وقدمر البحث فيها.

الخامس : قد يوصل بالمحكية غير محكي ، وهو الذي يسميه المحدثون

__________________

١ ـ قال الملأمن قوم فرعون إن هذ لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أضكم فما ذا تأمرون قالو أرجه وأخا وأرسل في المدائن حاشرين (الأعراف / ١٠٩ ـ ١١١).

۲۰۷۱