فيه ، وليس فيه إعمال ضعيف دون قوي.

وذكر ابن مالك في قوله : (١)

٤٢٦ ـ عممتَهُم بالندى حتّى غُواتهم

فكنتَ مالِكَ ذي غيّ وذي رَشَد

إنه يروى «غواتهم» بالأوجه الثلاثة ، فإن ثبتت رواية الرفع فهو من الوارد في النوع الأول في الشذوذ ; إذ لاضرورة تمنع من الجر والنصب ، وقد رويا.

بيان أنه قد يظن أن الشيء من باب الحذف ، وليس منه

جرت عادة النحويين أن يقولوا : يحذف المفعول اختصاراً أو اقتصاراً ، ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ، وبالاقتصار الحذف لغير دليل ويمثلونه بنحو : ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا (البقرة / ٦٠) ، أي : أو قعوا هذين الفعلين ، وقول العرب فيما يتعدى إلى اثنين : «من يسمع يخل» أي : تكن منه خيلة.

والتحقيق أن يقال : إنه تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه أو من اُو قع عليه ، فيجاء بمصدره مسنداً إليه فعل كون عام ، فيقال : «حصل حريق أو نهب».

وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل ، فيقتصر عليهما ، ولا يذكر المفعول ، ولا ينوى ، إذ المنوي كالثابت ، ولا يسمى محذوفاً ; لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة مالا مفعول له ، ومنه : ﴿رَبِّىَ الَّذِي يُحْيِي وَيُميِتُ (البقرة / ٢٥٨) ، ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (الزمر / ٩) ، ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا (الأعراف / ٣١) ، ﴿وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ (الإنسان / ٢٠) ; إذ المعنى : ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة ، وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم ،

__________________

١ ـ تقدم برقم ٩٨.

۲۰۷۱