لأن المُعطى بعوض قد يعطى مجاناً ، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب ، وقد تبين أنه لا تعارض بين الحديث والآية؛ لاختلاف محملي الباءين جمعاً بين الأدلة.
التاسع : المجاوزة كـ «عَنْ» ، فقيل : تختص بالسؤال ، نحو : ﴿فاسألْ بِهِ خَبيراً﴾ (الفرقان / ٥٩) ، بدليل ﴿يسألُونَ عَنْ أَنْبائكُمْ﴾ (الأحزاب /٢٠) وقيل : لاتختص به ، بدليل قوله تعالى : ﴿يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أيْديهِمْ وبأيمانِهِم﴾ (الحديد /١٢).
وتأول البصريون ﴿فاسأل به خبيراً﴾ على أن الباء للسببية ، وزعموا أنها لاتكون بمعنى «عن» أصلاً ، وفيه بعد؛ لأنه لايقتضي قولُك : «سألت بسببه» أن المجرور هو المسؤول عنه.
العاشر : الاستعلاء ، نحو قوله تعالى : ﴿مَنْ إنْ تَأمَنهُ بِقِنطار﴾ (آل عمران/٧٥) الآية؛ بدليل ﴿هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إلاّ كَما أمِنْتُكُمْ عَلى أخيهِ مِنْ قَبلُ﴾ (يوسف / ٦٤)
وقول راشد بن عبد ربّه :
٧٤ ـ أرَبٌّ يبولُ الثعلبان برأسه؟
؛ بدليل تمامه :
لقدْ هانَ منْ بالَتْ عليه الثعالِبُ
الحادي عشر : التبعيض ، أثبت ذلك الأصمعيّ والفارسي والقُتبيّ وابن مالك ، قيل : والكوفيون ، وجعلوا منه : ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ الله﴾ (الإنسان / ٦) قيل : ومنه : ﴿وامْسَحُوا بِرُؤوسكُم﴾ (المائدة / ٦) والظاهر أن الباء فيهما
__________________
١ ـ شرح أبيات مغني اللبيب : ٢/٣٠٢. وروى السيوطي «ذلّ» مكان «هان». شرح شواهد المغني : ١/٣١٧.