الثاني : أن تكون حرف جواب بمعنى «نعم» خلافاً لأبي عبيدة ، كقول ابن الزُّبير لمن قال له : لعن الله ناقة حملتني إليك : «إنّ وراكبَها» أي : نعم ولعن راكبها.

وعن المبرّد : أنه حمل على ذلك قراءة من قرأ : ﴿إنّ هذانِ لَساحِرانِ (طه /٦٣) واعترض بأمرين :

أحدهما : أنّ مجيء «إنّ» بمعنى «نعم» شاذ ، حتى قيل : إنه لم يثبت ، فكيف يصح حمل التنزيل عليه؟!

الثاني : أن اللام لا تدخل في خبر المبتدأ ، واُجيب عن هذا بأنها لام زائدة ، وليست للابتداء ، أو بأنها داخلة على مبتدأ محذوف ، أي : لهما ساحران ، أو بأنها دخلت بعد «إنّ» هذه لشبهها بـ «إنّ» المؤكدة لفظاً كما قال المعلوط القريعيّ :

٥٧ ـ ورَجِّ الْفَتى للخير ما إنْ رأيْتَهُ

عَلى السِّنّ خيراً لايزالُ يَزيدُ (١)

فزاد «إنْ» بعد «ما» المصدرية؛ لشبهها في اللفظ بـ «ما» النافية.

ويضعّف الأول : أن زيادة اللام في الخبر خاصة بالشعر ، والثاني : أن الجمع بين لام التوكيد وحذف المبتدأ كالجمع بين متنافيين.

وقيل : اسم «إنّ» ضميرالشأن وهذا أيضاً ضعيف؛ لأن الموضوع لتقوية الكلام لايناسبه الحذف ، والمسموع من حذفه شاذ إلاّ في باب «أنّ» المفتوحة إذا خففت ، فاستسهلوه؛ لوروده في كلام بني على التخفيف ، فحذف تبعاً لحذف النون ، ولأنه لو ذكر لوجب التشديد؛ إذالضمائر تردّ الأشياء إلى اُصولها ، ألا ترى أن من يقول : «لدُ ولم يَكُ ووالله» ، يقول : «لدُنك ، ولم يكنه ، وبك لأفعلن»؟ ثم يرد إشكال دخول اللام.

__________________

١ ـ شرح شوهد الغني : ١/٨٥ و ٨٦.

۲۹۱۱