بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى الهداة الميامين من آله الطاهرين.

أما بعد ، فإنّ كتاب «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» لـ «جمال الدين بن هشام الأنصاري» بسبب اشتماله على المطالب العلمية العالية ، وشموله الواسع للمباحث المفصّلة حول المفردات التي أخذت حصّةً كبيرة من الكتاب ، وبسبب عرضه الفنّي للمطالب النحويّة بحيث يمكّن القارئ من استنباط الأحكام النحوية صار محطّاً لأنظار المراكز العلمية في العالم ، ومع مرور مئات من السنين على تأليفه فقد يمكن أن يدّعى أنه قلّما وجد كتاب في النحو بهذه المثابة والسعة والشمول.

ولذلك أخذ النحاة منه مباحث كثيرة وتراهم أحياناً قد نقلوا نصّ عباراته في كتبهم.

إن معرفة ابن هشام بلغة العرب ، وكيفيّة استخدامه تراكيب المفردات أثار عجب كلّ من له أدنى معرفة بالأدب العربي ، فتراه عند ما يطرح المطالب العلميّة يحفّها بذكر الشواهد المتعدّدة من الآيات والروايات والأبيات والأمثال العربية.

ويدّل على إحاطته العلمية بالأدب العربي تتبّعه في الكتاب مقفّلات مسائل الإعراب ، وإيضاحه معضلات يستشكلها الطلاّب. ولأجل هذه الغزارة العلميّة قال المؤرخ الشهير ابن خلدون في حقه : «ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له : ابن هشام ، أنحى من سيبويه».

كلّ هذه الخصال جعل المغني متناً دراسيّاً في الحوزات العلميّة ، منذ سنوات

۲۹۱۱