ولا محيص للحاكم ـ بعد عدم امكان التمسك بحديث لا ضرر ـ من ملاحظة من يتضرر أقل فيرجّح اتلاف ماله ، وعند التساوي من هذه الناحية وسائر الخصوصيات الموجبة للترجيح العقلائي ينتقل إلى القرعة ، لأنّها طريق عقلائي في أمثال هذه المقامات. كل ذلك مع ضمان قيمة النقص الطارئ بسبب الكسر أو قطع الرأس على الطرف الثاني.

والوجه في ذلك هو التمسك بقاعدة العدل والانصاف ، فانّ مقتضى العدالة هو ما ذكرناه.

وإذا قيل : إنّ القاعدة المذكورة لم ينعقد عليها بناء عقلائي ، ولا مستند لها سوى عذوبة ألفاظها ، كما ناقش بذلك السيد الخوئي في بعض المواضع من كلماته (١).

كان الجواب : يكفينا لإثباتها في الجملة كتاب الله العزيز حيث يقول : ﴿... وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ... (٢).

مثال معاصر‌

والمثال الموروث ـ كما قلنا ـ هو ما تقدم ، بيد أنّه قد يبدل بمثال معاصر ، وهو : ما اذا كانت امرأة حاملا بطفل ، ودار الأمر بين الحفاظ على الطفل الموجب لتضرّرها والحفاظ على الام الموجب لقتل الطفل (٣).

وان شئت قلت : إنّ حكم الشارع بوجوب الحفاظ على الام حيث‌

__________________

(١) راجع كتاب الخمس من مستند العروة الوثقى : ١٤٧ ، أجل التزم بها قدس‌سره في مصباح الاصول ٢ : ٥٦٤.

(٢) النساء : ٥٨.

(٣) ومن الأمثلة المعاصرة أيضا : ما اذا كان الإنسان راكبا سيارة ودار الأمر بين أن يضرّر الآخرين أو يضرر نفسه.

۲۱۴۱