الحكومة ، باعتبار أنّها متقوّمة بالنظر ولم يثبت نظر حديث لا ضرر إلى الأدلّة الأوّلية ، وبنى على كون التقديم من جهة التوفيق العرفي بالبيان المتقدّم.

ولعلّ السبب في إنكاره للنظر أنّ حديث لا ضرر كأنّه يقول بلسانه : أنا لا أجعل حكما ضرريا ، وواضح انّ مثل هذا اللسان لا يتوقّف على افتراض وجود أحكام مسبقة ، فإنّ اللسان المذكور يصحّ حتى لو فرض عدم تشريع أحكام مسبقة ، إذ عدم جعل حكم ضرري لا يتوقّف على وجود أحكام مسبقة.

ويردّه : انّ ذلك يتمّ لو فرض انّا كنّا نحتمل أنّ المولى لم يشرّع حكما سوى قاعدة لا ضرر ، أمّا بعد جزمنا بوجود شريعة وأحكام فلا بدّ من كون الحديث ناظرا إلى تلك الشريعة والأحكام ليبيّن أنّها غير ثابتة في حالة الضرر.

نكتة تقدم الحاكم‌

يبقى علينا أن نعرف نكتة تقدّم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم ، فإنّ من المسلّم بين جميع الأعلام تقديم الدليل الحاكم ، وإنّما اختلفوا في نكتة تقدّمه. وفي هذا المجال يوجد رأيان :

١ ـ ما أفاده الشيخ النائيني (١). وحاصله : أنّ الدليل المحكوم يتكفّل إثبات الحكم على تقدير ثبوت الموضوع ولا يتكفّل إثبات الموضوع وأنّه متحقّق بالفعل أو لا في حين أن الدليل الحاكم ينفي تحقّق الموضوع ، ومثل هذين لا تعارض بينهما ، فدليل أكرم العالم‌

__________________

(١) رسالة لا ضرر : ٢١٣ ، وتبنّى هذا الرأي السيّد الخوئي أيضا في مصباح الاصول ٢ :٥٤٢.

۲۱۴۱