وعلى أي حال ، سواء تمّ ما أفاده أو لا ففي خصوص الحديث لم يقصد من كلمة الضرار الدلالة على المشاركة ، إذ الضرر كان صادرا من سمرة فقط دون الأنصاري. وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في النقطة التالية أنّ استشهاد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما هو بفقرة «لا ضرار» دون «لا ضرر».

وبعد عدم كون المشاركة مقصودة فما هو المقصود إذن؟

ان المصدر وان دلّ على صدور الحدث من الفاعل ، إلاّ ان هذا المقدار قضية تشترك فيها جميع المصادر ، ولكن دلالة بعض المصادر تختلف عن دلالة بعضها الآخر ، والسؤال عن دلالة هيئة الضرار ما هي؟

لا يبعد دلالة كلمة «ضرار» على صدور الضرر من الفاعل أمّا بنحو الاستمرار والتكرّر ، أو بنحو التقصّد والتعمّد واتّخاذ ذريعة باطلة إليه ، فلا ضرار يعني : لا يصدر منكم الضرر متقصدين إليه ومتشبّثين ببعض الذرائع الواهية.

ولعل بعض الاستعمالات القرآنية تساعد على ذلك ، قال تعالى : ﴿وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا (١) ، وقال : ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ... (٢) ، وقال : ﴿... وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ... (٣) وقال :

__________________

(١) البقرة : ٢٣١.

(٢) التوبة : ١٠٧.

(٣) البقرة : ٢٨٢.

۲۱۴۱