الفصل الخامس

في مبدأ الحركة ومنتهاها

قد تقدّم (١) أنّ للحركة (٢) انقساما بذاتها ، فليعلم أنّ انقسامها انقسام بالقوّة لا بالفعل ، كما في الكمّ المتّصل القارّ من الخطّ والسطح والجسم التعليميّ ، إذ لو كانت منقسمة بالفعل ـ فانفصلت الأجزاء بعضها من بعض ـ انتهت القسمة إلى أجزاء دفعيّة الوقوع ، وبطلت الحركة.

وأيضا لا يقف ما فيها من الانقسام على حدّ لا يتجاوزه ، ولو وقف على حدّ لا تتعدّاه القسمة كانت مؤلّفة من أجزاء لا تتجزّى ، وقد تقدّم بطلانها (٣).

ومن هنا يظهر أن لا مبدأ ولا منتهى للحركة بمعنى الجزء الأوّل الّذي لا ينقسم من جهة الحركة والجزء الآخر الّذي لا ينقسم كذلك ، لما تبيّن أنّ الجزء بهذا المعنى دفعيّ الوقوع ، فلا ينطبق عليه حدّ الحركة الّتي هي سيلان الوجود وتدرّجه. وأمّا ما تقدّم (٤) من أنّ الحركة تنتهي من الجانبين إلى مبدأ ومنتهى (٥) فهو

__________________

(١) في الفصل السابق.

(٢) أي : الحركة القطعيّة.

(٣) في الفصل الرابع من المرحلة السادسة.

(٤) راجع الفصل الثالث من هذه المرحلة.

(٥) أورد عليه بعض الأساتيذ من تلامذة المصنّف رحمه‌الله بأنّه يمكن أن يقال : «إنّ المبدأ والمنتهى إنّما يلزمان الحركة المحدودة بما أنّها محدودة ، لا بما أنّها حركة ، فلو وجدت حركة أزليّة وأبديّة لم تحتج إلى مبدأ ومنتهى». تعليقة على نهاية الحكمة : ٣٠٠.

۳۳۶۱