إمكان الانقسام إلى أجزاء لا قرار لها ولا اجتماع في الوجود ـ هي الحركة. والتغيّر الدفعيّ ـ بما أنّه يحتاج إلى موضوع يقبل التغيّر وقوّة سابقة على حدوث التغيّر ـ لا يتحقّق إلّا بحركة ، لما عرفت (١) أنّ الخروج من القوّة إلى الفعل كيفما فرض لا يتمّ إلّا بحركة غير أنّه لمّا كان تغيّرا دفعيّا كان من المعاني المنطبقة على أجزاء الحركة الآنيّة كالوصول والترك والاتّصال والانفصال. فالتغيّر كيفما فرض لا يتمّ إلّا بحركة.

ثمّ الحركة تعتبر تارة بمعنى كون الشيء المتحرّك بين المبدأ والمنتهى بحيث كلّ حدّ من حدود المسافة فرض فهو ليس قبله وبعده فيه ، وهي حالة بسيطة ثابتة غير منقسمة ، وتسمّى : «الحركة التوسّطيّة» (٢).

وتعتبر تارة بمعنى كون الشيء بين المبدأ والمنتهى بحيث له نسبة إلى حدود المسافة المفروضة الّتي كلّ واحد منها فعليّة للقوّة السابقة وقوّة للفعليّة اللاحقة ، من حدّ يتركه ومن حدّ يستقبله ، ولازم ذلك الانقسام إلى الأجزاء والانصرام والتقضّي تدريجا وعدم اجتماع الأجزاء في الوجود ، وتسمّى : «الحركة القطعيّة».

والاعتباران جميعا موجودان في الخارج لانطباقهما عليه ، بمعنى أنّ للحركة نسبة إلى المبدأ والمنتهى لا يقتضي ذلك (٣) انقساما ولا سيلانا ، ونسبة إلى المبدأ والمنتهى وحدود المسافة تقتضي سيلان الوجود (٤) والانقسام.

__________________

(١) في الفصل السابق.

(٢) قال السيّد الداماد : «الحركة التوسّطيّة حالة بسيطة شخصيّة هي كون المتحرّك متوسّطا بين المبدأ والمنتهى غير مستقرّ النسبة إلى حدود ما فيه الحركة ، فلا محالة أيّ آن يفرض في زمان الحركة تكون فيه للمتحرّك موافاة حدّ من الحدود ، لا تكون له تلك الموافاة قبل ذلك الآن ولا بعده ، فلا يكون له ذلك الحدّ في آنين. وهذه الحالة البسيطة بحسب ذاتها السيّالة الغير القارّة بحسب نسبتها اللازمة لها إلى حدود المسافة بالموافاة يقال له : الحركة التوسّطيّة». القبسات : ٢٠٤.

(٣) أي : وجود تلك النسبة. والأولى أن يقول : «لا تقتضي انقساما ...».

(٤) أي : باعتبار نسبتها إلى المبدأ والمنتهى وحدود المسافة سيّالة في الخارج ، فلا تجتمع ـ

۳۳۶۱