الفصل الرابع عشر

في العلّة المادّيّة والصوريّة

قد عرفت (١) أنّ الأنواع الّتي لها كمال بالقوّة (٢) لا تخلو في جوهر ذاتها من جوهر يقبل فعليّة كمالاتها الاولى والثانية من الصور والأعراض (٣). فإن كانت حيثيّته حيثيّة القوّة من جهة وحيثيّة الفعليّة من جهة ـ كالجسم الّذي هو بالفعل من جهة جسميّته ، وبالقوّة من جهة الصور والأعراض اللاحقة لجسميّته ـ سميّ : «مادّة ثانية». وإن كانت حيثيّته حيثية القوّة محضا ـ وهو الّذي تنتهي إليه المادّة الثانية بالتحليل ، وهو الّذي بالقوّة من كلّ جهة إلّا جهة كونه بالقوّة من كلّ جهة ـ سمّي : «هيولى» و «مادّة اولى».

وللمادّة علّيّة بالنسبة إلى النوع المادّيّ المركّب منها ومن الصورة ، لتوقّف وجوده عليها توقّفا ضروريّا. فهي بما أنّها جزء للمركّب علّة له. وبالنسبة إلى الجزء الآخر الّذي تقبله ـ أعني الصورة ـ مادّة لها ومعلولة لها ، لما تقدّم أنّ الصورة شريكة العلّة للمادّة (٤).

__________________

(١) في الفصل الخامس والسادس والسابع من المرحلة السادسة.

(٢) وهي الأجسام بأنواعها.

(٣) قوله : «من الصور» بيان للكمالات الاولى ، و «الأعراض» بيان للكمالات الثانية.

(٤) في الفصل السادس وخاتمة الفصل السابع من المرحلة السادسة.

۳۳۶۱