الفصل الحادي عشر

في العلّة الغائيّة وإثباتها

سيأتي ـ إن شاء الله (١) ـ بيان أنّ الحركة كمال أوّل لما بالقوّة من حيث إنّه بالقوّة (٢) فهناك كمال ثان يتوجّه إليه المتحرّك بحركته المنتهية إليه ، فهو الكمال الأخير الّذي يتوصّل إليه المتحرّك بحركته ، وهو المطلوب لنفسه ، والحركة مطلوبة لأجله ، ولذا قيل (٣) : «إنّ الحركة لا تكون مطلوبة لنفسها ، وإنّها لا تكون ممّا تقتضيه ذات الشيء».

وهذا الكمال الثاني هو المسمّى «غاية الحركة» ، يستكمل بها المتحرّك ، نسبتها إلى الحركة نسبة التمام إلى النقص ، ولا تخلو عنها حركة ، وإلّا انقلبت سكونا (٤).

ولما بين الغاية والحركة من الارتباط والنسبة الثابتة (٥) كان بينهما نوع من

__________________

(١) في الفصل الثالث من المرحلة التاسعة.

(٢) كذا رسّمها أرسطو على ما نقل عنه في المباحث المشرقيّة ١ : ٥٤٩.

(٣) كما قال الشيخ الرئيس في التعليقات : ١٠٨ : «الغرض في الحركة الفلكيّة ليس هو نفس الحركة بما هي هذه الحركة ...».

(٤) والوجه في ذلك أنّ الحركة ـ كما سيأتي ـ هو نحو وجود يخرج به الشيء من القوّة إلى الفعل ، وهو لا يخلو من تغيّر. ولا بدّ في التغيّر ممّا إليه التغيّر الّذي يسمّى : «غاية» ، وإلّا لم يتغيّر الشيء ، فلا يخرج من القوّة ولم تتحقّق حركة ، وما لم تتحقّق حركة يتحقّق السكون.

(٥) فإنّ الحركة متعلّقة الوجود بالمنتهى ، كما مرّ وسيأتي أيضا.

۳۳۶۱