فالعلّة الواحدة هي العلّة البسيطة الّتي هي بذاتها البسيطة علّة ، والمعلول الواحد هو المعلول البسيط الّذي هو بذاته البسيطة معلول. فالمراد بالواحد ما يقابل الكثير الّذي له أجزاء أو آحاد متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة.

بيانه (١) : أنّ المبدأ الّذي يصدر عنه وجود المعلول هو وجود العلّة ، الّذي هو نفس ذات العلّة ، فالعلّة هي نفس الوجود الّذي يصدر عنه وجود المعلول وإن قطع النظر عن كلّ شيء. ومن الواجب أن تكون بين المعلول وعلّته سنخيّة ذاتيّة هي المخصّصة لصدوره عنها ، وإلّا كان كلّ شيء علّة لكلّ شيء ، وكل شيء معلولا لكلّ شيء. فلو صدر عن العلّة الواحدة ـ الّتي ليس لها في ذاتها إلّا جهة واحدة ـ معاليل كثيرة بما هي كثيرة متباينة لا ترجع إلى جهة واحدة تقرّرت في ذات العلّة جهات كثيرة متباينة متدافعة ، وقد فرضت بسيطة ذات جهة واحدة ، وهذا خلف. فالواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد ، وهو المطلوب.

وقد اعترض عليه بالمعارضة (٢) : أنّ لازمه عدم قدرة الواجب تعالى على إيجاد أكثر من واحد ، وفيه تقييد قدرته ، وقد برهن على إطلاق قدرته وأنّها عين ذاته المتعالية.

ويردّه : أنّه (٣) مستحيل بالبرهان ، والقدرة لا تتعلّق بالمحال ، لأنّه بطلان

__________________

ـ وتفعل الطبيعة التحريك والتسكين من غير اشتراط بوجدان الحالة الملائمة وفقدانها».

(١) هذا بيان جامع لأكثر البراهين. وادّعى بعض المحقّقين بداهة المسألة ، كما قال المحقّق اللاهيجيّ في شوارق الإلهام : ٢١٠ : «فالحقّ ما ذكره الشارح القديم من أنّ الحكم بأنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد بديهيّ لا يتوقّف إلّا على تصوّر طرفيه». وقال المحقّق الطوسيّ في شرح الإشارات ٣ : ١٢٢ : «وكان هذا الحكم قريبا من الوضوح».

(٢) والمعترض هم الأشاعرة كالعلّامة الإيجيّ والسيّد الشريف في المواقف وشرحه : ١٧٢ و ٤٨٥. واعترض عليه الغزاليّ أيضا ، حيث قال : «إنّهم قالوا : لا يصدر من الواحد إلّا شيء واحد ، والمبدأ الواحد من كلّ وجه. والعالم مركّب من مختلفات ، فلا يتصوّر أن يكون فعلا لله تعالى بموجب أصلهم». راجع كلام الماتن في تهافت التهافت : ٢٩٢.

(٣) أي : إيجاد أكثر من واحد.

۳۳۶۱