وأنّ ما دون ذلك حصوليّ تابع للمعلوم ، وهو ممنوع بما تقدّم إثباته (١) من أنّ للعلّة المجرّدة علما حضوريّا بمعلولها المجرّد ، وقد قام البرهان على أنّ له تعالى علما حضوريّا بمعلولاته قبل الإيجاد في مرتبة الذات وعلما حضوريّا بها بعد الإيجاد في مرتبة المعلولات.

الثاني : ما ينسب إلى أفلاطون (٢) أنّ علمه تعالى التفصيليّ هو العقول المجرّدة والمثل الإلهيّة الّتي تجتمع فيها كمالات الأنواع تفصيلا.

وفيه : أنّ ذلك من العلم بعد الإيجاد ، وهو في مرتبة وجوداتها الممكنة ، وانحصار علمه تعالى التفصيليّ بالأشياء فيها يستلزم خلوّ الذات المتعالية في ذاتها عن الكمال العلميّ ، وهو وجود صرف لا يشذّ عنه كمال من الكمالات الوجوديّة.

الثالث : ما ينسب إلى فرفوريوس (٣) أنّ علمه تعالى بالإتّحاد مع المعلوم.

وفيه : أنّ ذلك إنّما يكفي لبيان نحو تحقّق العلم (٤) ، وأنّ ذلك باتّحاد العاقل مع المعقول لا بالعرض (٥) ونحوه ، ولا يكفي لبيان ثبوت العلم بالأشياء قبل الإيجاد أو بعده.

الرابع : ما ينسب إلى شيخ الإشراق (٦) وتبعه جمع ممّن بعده من المحقّقين (٧)

__________________

(١) في الفصل الأوّل والفصل الحادي عشر من المرحلة الحادية عشرة.

(٢) نسب إليه في الملل والنحل ٢ : ٨٢ ـ ٨٩ ، والأسفار ٦ : ١٨١ ، وشرح المنظومة : ١٦٥ ، والجمع بين رأيي الحكيمين : ١٠٥.

(٣) نسب إليه في شوارق الإلهام : ٥١٦ ، والأسفار ٦ : ١٨٦ ، وشرح المنظومة : ١٦٧.

(٤) وفي النسخ : «لبيان تحقّق العلم» والصحيح ما أثبتناه كما في بداية الحكمة.

(٥) وفي النسخ : «بالعروض» والصحيح ما أثبتناه.

(٦) واستفاده بزعمه في خلوته الذوقيّة عن روحانية أرسطاطاليس ، كما في التلويحات : ٧٠ ـ ٧٤. وراجع حكمة الإشراق : ١٥٠ ـ ١٥٣ ، والمطارحات : ٤٨٨.

(٧) كالمحقّق الطوسيّ في شرح مسألة العلم : ٢٨ ـ ٢٩ ، والعلّامة الشيرازيّ في شرح حكمة الإشراق : ٣٥٨ ـ ٣٦٥ ، وابن كمّونة ومحمّد الشهرزوري ـ شارحي التلويحات ـ على ما نقل في الأسفار ٦ : ١٨١.

۳۳۶۱