فكلّ من المتشاركين مركّب من النفي والإثبات بحسب الوجود (١). وإذ كان وجود الواجب بالذات حقيقة الوجود الصرف البسيط ـ لا سبيل للتركيب إليه ولا مجال للنفي فيه ـ فلا يشاركه شيء في معنى من المعاني.

وأيضا المفهوم المشترك فيه إمّا شيء من الماهيّات أو ما يرجع إليها. فلا سبيل للماهيّات الباطلة الذوات إلى حقيقة الواجب بالذات الّتي هي حقّة محضة ، فلا مجانس للواجب بالذات إذ لا جنس له ، ولا مماثل له إذ لا نوع له ، ولا مشابه له إذا لا كيف له ، ولا مساوي له إذ لا كمّ له ، ولا مطابق له إذ لا وضع له ، ولا محاذي له إذ لا أين له ، ولا مناسب له إذ لا إضافة لذاته (٢).

والصفات الإضافيّة الزائدة على الذات ـ كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وغيرها ـ منتزعة من مقام الفعل كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٣). على أنّ الصفات الإضافيّة ترجع جميعا إلى القيّوميّة ، وإذ لا موجد ولا مؤثّر سواه فلا مشارك له في القيّوميّة (٤).

وأمّا شيء من المفاهيم المنتزعة من الوجود ، فالّذي للواجب بالذات منها أعلى المراتب غير المتناهي شدّة الّذي لا يخالطه نقص ولا عدم ، والّذي لغيره بعض مراتب الحقيقة المشكّكة غير الخالي من نقص وتركيب ، فلا مشاركة.

وأمّا حمل بعض المفاهيم على الواجب بالذات وغيره ـ كالوجود المحمول عليه وعلى غيره باشتراكه المعنويّ (٥) ، مع الغضّ عن خصوصيّة المصداق ، وكذا سائر صفات الواجب المشتركة بمفاهيمها فحسب (٦) ، كالعلم والحياة والرحمة ، مع الغضّ عن الخصوصيّات الإمكانيّة ـ فليس من الاشتراك المبحوث عنه في شيء.

__________________

(١) فالإنسان ـ مثلا ـ حيوان وليس بفرس.

(٢) هذا الدليل ذكره صدر المتألّهين في الأسفار ٦ : ١٠٧.

(٣) في الفصل الآتي والفصل العاشر من هذه المرحلة.

(٤) هكذا في الأسفار ٦ : ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٥) وفي النسخ : «كالوجود المحمول باشتراكه المعنويّ عليه وعلى غيره» والأولى ما أثبتناه.

(٦) وفي النسخ : «صفات الواجب بمفاهيمها فحسب» والصحيح ما أثبتناه.

۳۳۶۱