برهان آخر ، للمتكلّمين من طريق الحدوث (١). تقريره : أنّ الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون ، وهما حادثان ، وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث ، فالأجسام كلّها حادثة ، وكلّ حادث مفتقر إلى محدث غير حادث ، دفعا للدور والتسلسل ، فمحدثها أمر غير جسم ولا جسمانيّ (٢) ، وهو الواجب تعالى (٣).

والحجّة غير تامّة ، فإنّ المقدّمة القائلة : «إنّ ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث» لا بيّنة ولا مبيّنة ، وتغيّر أعراض الجوهر عندهم غير ملازم لتغيّر الجوهر الّذي هو موضوعها. نعم ، لو بنى على الحركة الجوهريّة تمّت المقدّمة ونجحت الحجّة.

وهذه الحجّة كما ترى ـ كالحجج الثلاث السابقة ـ مبنيّة على تناهي العلل وانتهائها إلى علّة غير معلولة هو الواجب تعالى.

__________________

(١) راجع شرح المواقف : ٤٦٦ ، وشرح المقاصد ٢ : ٥٧.

(٢) لأنّ كلّ جسم أو جسمانيّ حادث ، ولا يخلو عن الحركة والتغيّر.

(٣) وفي النسخ : «وكلّ حادث مفتقر إلى محدث ، فمحدثها أمر غير جسم ولا جسمانيّ ، وهو الواجب تعالى ، دفعا للدور والتسلسل». والصحيح ما أثبتناه.

۳۳۶۱