الفصل العاشر

في فاعل الحركة ، وهو المحرّك (١)

ليعلم أنّ الحركة كيفما فرضت فالمحرّك فيها غير المتحرّك.

فإن كانت الحركة جوهريّة والحركة في ذات الشيء وهو المتحرّك بالحقيقة ـ كما تقدّم (٢) ـ كان فرض كون المتحرّك هو المحرّك فرض كون الشيء فاعلا موجدا لنفسه ، واستحالته ضروريّة. فالفاعل الموجد للحركة هو الفاعل الموجد للمتحرّك ، وهو جوهر مفارق للمادّة ، يوجد الصورة الجوهريّة ، ويقيم بها المادّة ، والصورة شريكة الفاعل على ما تقدّم (٣).

وإن كانت الحركة عرضيّة وكان العرض لازما للوجود ، فالفاعل الموجد للحركة فاعل الموضوع المتحرّك بعين جعل الموضوع ، من غير تخلّل جعل آخر بين الموضوع وبين الحركة ، إذ لو تخلّل الجعل وكان المتحرّك ـ وهو مادّيّ ـ فاعلا في نفسه للحركة كان فاعلا من غير توسّط المادّة. وقد تقدّم في مباحث العلّة والمعلول (٤) أنّ العلل المادّيّة لا تفعل إلّا بتوسّط المادّة وتخلّل الوضع بينها وبين

__________________

(١) أي : هو المحرّك بحقيقة معنى الكلمة. فالمراد من فاعل الحركة هو موجدها ، وهو الفاعل الإلهيّ ، لا الفاعل الطبيعيّ الّذي ليس إلّا معدّا لها.

(٢) في الفصل الثامن من هذه المرحلة.

(٣) راجع الفصل السادس من المرحلة السادسة.

(٤) راجع الفصل الخامس عشر من المرحلة الثامنة.

۳۳۶۱