بالذات ، ولا ضير في صدور المتجدّد عن الثابت إذا كان التجدّد ذاتيّا له. فإيجاد ذاته عين إيجاد تجدّده كما اعترفتم به.

قيل (١) : التجدّد الّذي في الحركة العرضيّة ليس تجدّد نفس الحركة ، فإنّ المقولة العرضيّة ليس وجودها في نفسها لنفسها حتّى يكون منعوتا بنفسها فتكون متجدّدة كما كانت تجدّدا. وإنّما وجودها لغيرها الّذي هو الموضوع الجوهريّ. فحركة الجسم ـ مثلا ـ في لونه تغيّره وتجدّده في لونه الّذي هو له ، لا تجدّد لونه. وهذا بخلاف الجوهر ، فإنّ وجوده في نفسه هو لنفسه ، فهو تجدّد ومتجدّد بذاته ، فإيجاد هذا الجوهر إيجاد بعينه للمتجدّد وإيجاد المتجدّد إيجاد لهذا الجوهر ، لا إيجاد جوهر ، ليصير متجدّدا ، فافهم.

حجّة اخرى (٢) : الأعراض من مراتب وجود الجواهر ، لما تقدّم (٣) أنّ وجودها في نفسها عين وجودها لموضوعاتها ، فتغيّرها وتجدّدها لا يتمّ إلّا مع تغيّر موضوعاتها الجوهريّة وتجدّدها ، فالحركات العرضيّة دليل حركة الجوهر.

ويتبيّن بما تقدّم عدّة امور :

الأوّل : أنّ الصور الجوهريّة المتبدّلة المتواردة على المادّة واحدة بعد واحدة في الحقيقة صورة جوهريّة واحدة سيّالة تجري على المادّة ، وموضوعها المادّة المحفوظة بصورة مّا (٤) ـ كما تقدّم في مرحلة الجواهر والأعراض (٥) ـ ، ننتزع من كلّ حدّ من حدودها مفهوما مغايرا لما ينتزع من حدّ آخر ، نسمّيها ، «ماهيّة نوعيّة» ، تغاير سائر الماهيّات في آثارها.

__________________

(١) والقائل الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة : ٢٥٠ ، وتعليقاته على الأسفار ٣ : ٦٧.

(٢) هذه الحجّة ذكرها صدر المتألّهين في الأسفار ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، وسمّاها : «البرهان المشرقيّ». وهو مبتن على مذهبه من أنّ الأعراض من مراتب وجود الجوهر.

(٣) في الفصل الثالث من المرحلة الثانية.

(٤) أي : طبيعيّ الصورة وصرف الوجود منه. وهذا يشمل الصورة الواحدة الممتدّة التدريجيّة السيّالة ، كما هو مقتضى القول بالحركة الجوهريّة.

(٥) راجع الفصل السادس من المرحلة السادسة.

۳۳۶۱