علّته ، فتقدّم العلّة في نحو ثبوت المعلول ، غير أنّه (١) أشدّ ، فإن كان ثبوت المعلول ثبوتا خارجيّا كان تقدّم العلّة عليه في الوجود الخارجيّ ، وإن كان ثبوتا ذهنيّا فكذلك.

وإذ كان وجود الواجب لذاته حقيقيّا خارجيّا وكانت له ماهيّة هي علّة موجبة لوجوده كان من الواجب أن تتقدّم ماهيّته عليه في الوجود الخارجيّ لا في الثبوت الماهويّ ، فالمحذور على حاله.

حجة اخرى (٢) : كلّ ماهيّة فإنّ العقل يجوّز بالنظر إلى ذاتها أن تتحقّق لها ـ وراء ما وجد لها من الأفراد ـ أفراد اخر إلى ما لا نهاية له. فما لم يتحقّق من فرد فلامتناعه بالغير ، إذ لو كان لامتناعه بذاته لم يتحقّق لها فرد أصلا.

فإذا فرض هذا الّذي له ماهيّة واجبا بالذات كانت ماهيّته كلّيّة ، لها وراء ما وجد من أفراده في الخارج أفراد معدومة جائزة الوجود بالنظر إلى نفس الماهيّة ، وإنّما امتنعت بالغير ، ومن المعلوم أنّ الامتناع بالغير لا يجامع الوجوب بالذات ، وقد تقدّم أنّ كل واجب بالغير وممتنع بالغير فهو ممكن (٣) ، فإذا الواجب بالذات لا ماهيّة له وراء وجوده الخاصّ.

واعترض عليه (٤) بأنّه لم لا يجوز أن يكون للواجب بالذات حقيقة وجوديّة غير زائدة على ذاته ، بل هي عين ذاته (٥) ، ثمّ العقل يحلّله إلى وجود ومعروض له جزئيّ شخصيّ غير كلّيّ ، هو ماهيّته؟

ودفع (٦) : بأنّه (٧) مبنيّ على ما هو الحقّ من أنّ التشخّص بالوجود (٨)

__________________

(١) أي : ثبوت العلّة.

(٢) وهذه ما أفاده شيخ الإشراق في التلويحات : ٣٤ ـ ٣٥. وتعرض لها أيضا صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ١٠٣.

(٣) راجع الفصل السابق من هذه المرحلة.

(٤) هذا الاعتراض تعرّض له صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ١٠٤ ، وشرح الهداية الأثيريّة : ٢٨٦.

(٥) وفي النسخ : «بل هو عين ذاته». والصحيح ما أثبتناه ، فإنّ الضمير يرجع إلى «حقيقة وجوديّة».

(٦) كذا دفعه صدر المتألّهين في الأسفار ١ : ١٠٤ ، وشرح الهداية الأثيريّة : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

(٧) أي : الدليل.

(٨) والماهيّة من حيث هي كلّيّة.

۲۸۳۱