بعينه ضروريّا (١).

وقد أقاموا على ذلك حججا (٢) هي تنبيهات بناء على ضروريّة المسألة (٣) :

منها : أنّه لو جاز للموجود في زمان أن ينعدم زمانا ثمّ يوجد بعينه في زمان آخر لزم تخلّل العدم بين الشيء ونفسه ، وهو محال ، لاستلزامه وجود الشيء في زمانين بينهما عدم متخلّل.

ومنها : أنّه لو جازت إعادة الشيء بعينه بعد انعدامه جاز إيجاد ما يماثله من جميع الوجوه ابتداء ، وهو محال. أمّا الملازمة فلأنّ الشيء المعاد بعينه وما يماثله من جميع الوجوه مثلان ، وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد. فلو جاز إيجاده بعينه ثانيا بنحو الإعادة جاز إيجاد مثله ابتداء. وأمّا استحالة اللازم فلاستلزام اجتماع المثلين في الوجود عدم التميّز بينهما ، وهما إثنان متمايزان.

ومنها : أنّ إعادة المعدوم بعينه توجب كون المعاد هو المبتدأ ، لأنّ فرض العينيّة يوجب كون المعاد هو المبتدأ ذاتا وفي جميع الخصوصيّات المشخّصة حتّى الزمان ، فيعود المعاد مبتدأ وحيثيّة الإعادة عين حيثيّة الابتداء.

ومنها : أنّه لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود بالغا حدّا معيّنا يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الاولى والثانية والثالثة وهكذا إلى ما لا نهاية له. كما لم يكن فرق بين المعاد والمبتدأ ، وتعيّن العدد من لوازم وجود الشيء المتشخّص.

وذهب جمع من المتكلّمين (٤) ـ نظرا إلى أنّ المعاد الّذي نطقت به الشرائع

__________________

(١) راجع الفصل الخامس من المقالة الاولى من إلهيّات الشفاء. واستحسنه فخر الدين الرازيّ في المباحث المشرقيّة ١ : ٤٨.

(٢) راجع المباحث المشرقيّة ١ : ٤٧ ـ ٤٨ ، والأسفار ١ : ٣٥٣ ـ ٣٦٤ ، وشرح المنظومة : ٤٨ ـ ٥١ ، وكشف المراد : ٧٥ ، وشوارق الإلهام : ١٢٢ ، وشرح التجريد للقوشجي : ٦٠ ـ ٦٥.

(٣) وحجج ، بناء على كون المسألة نظريّة. كما هو الظاهر من المحقّق الطوسيّ وصدر المتألّهين.

راجع كشف المراد : ٧٤ ـ ٧٥ ، والأسفار ١ : ٣٥٣ ـ ٣٦٤.

(٤) منهم صاحب المواقف وشارحه في شرح المواقف : ٥٧٩ ، والعلّامة التفتازانيّ في شرح المقاصد ٢ : ٢٠٧ ـ ٢١٠. وقال ابن ميثم في قواعد المرام : ١٤٧ : «واتّفقت جملة مشايخ ـ

۲۸۳۱