الفصل الخامس

في أنّه لا تكرّر في الوجود (١)

كلّ موجود في الأعيان فإنّ هويّته العينيّة وجوده ، على ما تقدّم من أصالة الوجود (٢) ، والهويّة العينيّة تأبى بذاته الصدق على كثيرين ، وهو التشخّص ، فالشخصيّة للوجود بذاته. فلو فرض لموجود وجودان ، كانت هويّته العينيّة الواحدة كثيرة وهي واحدة ، هذا محال (٣).

وبمثل البيان يتبيّن استحالة وجود مثلين من جميع الجهات ، لأنّ لازم فرض مثلين اثنين التمايز بينهما بالضرورة ، ولازم فرض التماثل من كلّ جهة عدم التمايز بينهما ، وفي ذلك اجتماع النقيضين ، هذا محال.

وبالجملة : من الممتنع أن يوجد موجود واحد بأكثر من وجود واحد ، سواء كان الوجودان ـ مثلا ـ واقعين في زمان واحد من غير تخلّل العدم بينهما أو منفصلين يتخلّل العدم بينهما. فالمحذور ـ وهو لزوم العينيّة مع فرض الاثنينيّة ـ في الصورتين سواء.

والقول (٤) ب «أنّ الوجود الثاني متميّز من الأوّل بأنّه مسبوق بالعدم بعد الوجود ، بخلاف الأوّل (٥) ، وهذا كاف في تصحيح الاثنينيّة ، وغير مضرّ بالعينيّة ،

__________________

(١) وهو المراد بقولهم : «لا تكرار في التجلّي».

(٢) في الفصل الثاني من هذه المرحلة في المتن.

(٣) هكذا في الأسفار ١ : ٣٥٣.

(٤) تعرّض له وللإجابة عليه في الأسفار ١ : ٣٥٩.

(٥) الّذي لا يكون عدما بعد الوجود ، بل العدم السابق عليه عدم أزليّ. فالوجود الثاني متميّز ـ

۲۸۳۱